حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
بقلم: سناء الجمل
لن يمكنك النظر داخل جمجمة أى إنسان ومشاهدة كم الثقة المتواجدة داخلها , إلا أن للثقة طريقتها فى إظهار نفسها بعدة طرق بسيطة ,ربما يصعب تفسيرها , وقد تسأل نفسك أحيانا عن السبب الذى جعلك تضع ثقتك فى أحد الأشخاص , فنجد أننا بطريقة غير واعية نقوم بالحكم على الناس حولنا من خلال إشارات بسيطة تصدر عنهم ولكنها تحمل دلالات بالغة عن شخصياتهم , فعليك أن تلاحظ تلك الإشارات فى نفسك حتى لا يراك الآخرون وكأنك شخص غير واثق بنفسه.
أولا :لاحظ مثلا طريقتك فى المشى ,إن ما نقوم به من أعمال جسمانية يعبر عن مواقفنا العقلية فللجسد لغة كلغة الكلام يمكنه أن يتحدث عن صاحبه , فلو أنك شاهدت أحدهم وهو يسير وقد انحنت كتفاه ومال وجهه نحو الأرض , فبوسعك أن تدرك أن أعباءه أثقل من أن يقدر على حملها وأنه يتصرف بوهن وضعف كما لو كان يحمل وزنا ثقيلا , أو ستدرك أنه قد يعانى من حالة من الإحباط واليأس , وعندما يثقل أحد الأحمال على روح أحدنا , فإنه يثقل بلا شك على جسده أيضا , ولذا تراه منحنيا بوجه يميل نحو الأرض .
وكذلك قد ترى الشخص المتشائم يسير مائلا وبوجه عابس وعيناه فى الأرض , والشخص الخجول قد تراه وهو يمشى بخطى مترددة غير واثقة , كما لو كان يخشى مواجهة أحد أو أنه يرغب فى الهروب من نفسه ومن الآخرين أو يخشى الخطو بثبات وثقة.
أما الشخص الذى يشعر بالثقة فى نفسه , فتجد أن خطواته تتسم بالجرأة والكتفان مردودان إلى الخلف فى وضعهما الطبيعى وعيناه متطلعتان إلى هدف ما يشعر بأنه يستطيع أن يحققه لنفسه.
ثانيا: طريقتك فى المصافحة تتحدث عنك ,ففى مقال نشرته مجلة “لايف” للكاتب وخبير الإدارة الشهير “جون.د.ميرفى” بعنوان “مصافحتك تفتن عليك” ذكر الكاتب أن الطريقة التى تقوم من خلالها بالمصافحة باليد تحكى للطرف الآخر أكثر بكثير مما نعتقد عن الطريقة التى تشعر بها أنت نحو نفسك , فالشخص الذى يصافح بيد رخوة مثل منشفة صحون المطبخ ,فهو يتمتع بدرجة منخفضة من الثقة بالنفس , ولو حاول أن يتصرف على نحو متغطرس أو متشدد متسلط , كما يفعل الكثيرون من أصحاب الثقة الضعيفة فى النفس ,فإنك ببساطة تشعر أنه شخص ضعيف لا يملك إلا أن يخدع الآخرين بأسلوبه الهمجى , بينما يبدو عليه بوضوح إنعدام الثقة .
كذلك الحال لدى الشخص الذى يضغط على كفك بطريقة قوية مبالغ فيها ,فهو يقوم بمحاولة تعويض نقص الثقة بنفسه من خلال ترك إنطباع لديك يوحى بأنه قوى وجرىء , بل وقد يصل معك إلى أبعد مدى كى يترك فى نفسك الإنطباع بأنه واثق فى نفسه .
أما تلك المصافحة التى تتسم بالحزم والثبات الخالى من الضغط المبالغ فيه , والتى تتميز بمجرد ضغط خفيف رقيق والتى تبدو طبيعية بدون تكلف وكأنها تتحدث عن نفسها بأنها مصافحة متواضعة ,حية , مفعمة بالنبض والثقة, تتمتع بقيضة حازمة على الأمور, بدون تسلط يشى بالغطرسة ولا ضغف ورخاوة تشى بالتردد وعدم الحزم وإنعدام الثقة , تلك هى المصافحة المعتدلة التى تكشف عن الثقة الفعلية بالذات .
ثالثا: نبرة الصوت, فنحن نستخدم أصواتنا كوسيلة للتعبير عن أنفسنا أكثر من إستخدامنا لأى وسيلة أخرى , فالصوت يشكل أكمل وأوضح سبيل للإتصال بين الناس , كما أن بإمكانه أن يوصل للآخرين أكثر من مجرد كلمات ,فهو يشى بالأفكار والمشاعر والحالة النفسية التى تعانيها أثناء تحدثك من الناس , لأنه ببساطة ينقل مشاعرك التى تختفى بين كلماتك .
حاول أن تراقب صوتك , فهل أنت من الشخصيات التى يحمل صوتها مشاعر الشجن والحزن , ويأتى مبللا بالدموع ؟ أم أنك من الشخصيات التى يضج صوتها بالسعادة والتفاؤل؟ أم أن نبرة صوتك قد تحمل مسحة التشاؤم واليأس أحيانا؟ أم يعبر عن الإقدام والشجاعة والجرأة؟ أم أنك تتمتم وتغمغم عندما تتكلم ,فتبدو كشخص ضعيف متردد؟
راقب نبرة صوتك جيدا من خلال تسجيلها , ومن ثم استمع إليها وحاول أن تحلل ما تحمله من مشاعر , ويمكنك بهذه الطريقة أن تدرب صوتك على أن يبدو واثقا جادا مبتهجا ,بعيدا عن الضجيج وفى الوقت نفسه ليس منكسرا ضعيفا وليس متوترا أو مزعجا , فنبرتك الواثقة فى الكلام ,تنقل للآخرين رسائل مفادها أنك شخصية رائعة تتمتع بالثقة بالنفس.
————————————–
* مقال من كتابى “فن التعامل..لا تكن وجبة شهية للآخرين”.
