الجمعة , 3 مايو 2024

قلبٌ يحبك أم عين تحترمك؟

= 2632

 

Aisha Gonahy
تكتبها: عائشة الجناحي *

 

في برنامج تلفزيوني تسأل المذيعة أحد الإعلاميين كيف يستطيع أن يكون صارماً وشديداً في حياته العملية، مع كونه أيضاً عاطفياً جداً في حياته الشخصية، فيصمت لوهلة ويتذكر زوجته المرحومة التي كانت ولازالت تحوم في مخيلته، فبين ثنايا الروح لها حب مقيم، فبادرها بابتسامة تخفي ما بداخله من ألم قلب ينزف، وأجاب بحرقة: »لم أكن أتمنى أن ترددي على مسامعي هذه العبارة، لأن الإنسان عبارة عن كومة من المشاعر والأحاسيس، وأنا عشت مع زوجتي ملكاً وكنت طفلها المدلل«، فترجع وتقول له: »واضح مدى حبك لها والدليل إنك مازلت تعيش على ذكراها«.

لم يرق له كلامها، لأنه يرى فيه انتقاصاً من حق زوجته، فيعبر قائلاً: »العشرة ليست كالحب، فالحب ينتهي، أما العشرة فهي تراكمية تنمو، فكم آلمني عندما تعرضت زوجتي للحادث المريع الذي تسبب في إصابتها بالشلل، ولكن رغم ما أصابها كنت مخلصاً ومهتماً بها لأبعد الحدود، ولم أغير عاداتنا الجميلة معاً«، فتقاطعه قائلة: »أوليس ذلك حباً؟« فيجيبها: »لو قلتُ لك إنه حب لقللت من شأنها، من دون مبالغة، عشرتي معها واهتمامها بي نما ليصبح عشقاً«.

البعض يرى أن الحب هو الأساس في أغلب العلاقات، والبعض الآخر يجزم بأن الاحترام هو الذي يضمن استمراريتها، وهناك رأي ثالث يرى أصحابه أن الحب والاحترام وجهان لعملة واحدة، ولكن ما الذي يجعل العلاقة مؤقتة أو طويلة الأجل؟

أن تحب شخصاً وتفرط في تناول هذا الحب بشراهة للحد الذي يجعله يتحكم حتى بدقات قلبك، غير آبه بما سيخلّفه ذلك من عواقب سيسلبك عقلك ويفقدك السيطرة على حالتك النفسية، وصحيح أن الاحترام هو أساس كل العلاقات الإنسانية بمختلف أطرها ومسمياتها، لأن الحب عندما يخفت ويخبو، لا ينقذ العلاقات من الانهيار سوى احترام الطرفين لبعضهما البعض، ولكن يوجد بيننا الكثير من الأشخاص الذين نحترمهم وليس شرطاً أن نحبهم.

بعض العلاقات قد لا تستمر إذا لم يكن هناك حب واحترام متبادل من الشخص الذي تكن له المحبة، فكم من العلاقات استمرت بالرغم من تجرعها ألم فقدانها جوهراً أساسياً وهو الاحترام، فأدى إلى انعدام التواصل، وكم من العلاقات غمرها الجفاف العاطفي فأدى إلى انعدام الاستقرار الأسري. الحب والاحترام كلاهما مكمل للآخر، فلا يمكن أن يعيش الحب من دون احترام ولا أن يعيش الاحترام من دون الحب، فهما عنصران مكملان للآخر، وسر نجاح واستقامة أغلب العلاقات.

»العشرة« هي إحدى درجات الحب، وهذا بفعل تراكمات الأيام من الملاطفة والمحبّة في التعامل، والدرجة الأعمق للحب هي العشق، وهو الحب شديد العمق بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى، فهي تمر بمراحل كثيرة لتصل لهذا الشعور الذي لا يوصف. 

إذاً، ماذا يريد الإنسان، قلب يحبه أم عين تحترمه؟ كلاهما معاً.

————
* كاتبة من الإمارات.

شاهد أيضاً

من فضلك .. كن نفسك فقط!

عدد المشاهدات = 4193 بقلم: عادل عبدالستار العيلة أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.