الخميس , 2 مايو 2024

فاطمة الرفاعي تكتب: عاليهم ثياب..!

= 1571

هؤلاء المستضعفين الذين غبرت وجوههم ودمت أقدامهم واخشنت أيديهم وتمزقت ثيابهم والتوت أعناقهم وانحنت ظهورهم وتغير لون جلودهم من جراء العناء والتعب ..
ينفر منهم السادة والقادة وأهل الطبقة الراقية ، ويسخر منهم المتحدثون والمتفلسفون ؛ رغم أنهم يلبسون من نسج هؤلاء الضعفاء ويجلسون على أرائك من حفر أولئك المبدعون البسطاء

ولولا زرعهم لمات المتغطرسون جوعا
ولولا عملهم في التنظيف لما برح السادة المشافي
ولولا جهد العمال لبقيت أحلام العباقرة أسيرة الورق
ولولا ذوق عيون هؤلاء المساكين لما تمتعت عيون النقاد بالجمال المعماري والخزفي والنسيجي والحجري وغيرها
بدون نسيجهم يموت الصغار المرفهون على الأسرة الذهبية بردا بدون غطاء

ترى من أين سيحصل الأرستقراطيين على ثرواتهم لولا عمال المناجم والحمالين والأكف الصابرة المكافحة ؟
لماذا إذا تنبذونهم وتنفرون منهم وتهمشونهم رغم أنكم تحيون في ظلال جهودهم ؟
لماذا نكسر كبرياء بسمتهم الصادقة التي ماعرفت النفاق ولا سياسة المصالح ولا المكر ولا الخداع ؟
لماذا تبيت تلك الأجساد المتعبة منكسرة الخاطر ونحن نتنعم بدفيء صنيعهم؟
لماذا يعيشون في ظلال بعيدة ونحن نستنير بوقود أعمارهم ؟
لماذا لا نقبلهم بيننا ونقربهم ونعترف بفضلهم على الحضارات ؟
أي حضارة يدعيها الإنسان وهو يفترس إخوته ويسخرهم لرفاهيته؟

ليست المدنية بمقدار ما يستهلكه الإنسان من الكيلو وات ؛ فقد يكون وبالا على المجتمع ، بل بأخلاقه التي تجعل منه إضافة إيجابية لمن حوله.

لتعلموا أنهم عند الله كرماء بدينهم وتقواهم وإتقان عملهم على عكس الساخرين منهم

قال تعالى:” إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون “

ثم كان عدل الله :” فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الآرائك ينظرون”

نعم هؤلاء المستضعون هم كثر أهل الجنة فقد قال صلى الله عليه وسلم : “اللهم احشرني في زمرة المساكين”

هؤلاء المدفوعون بالأبواب مكرمون منعمون في الجنات:”عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا “

لماذا كل هذا :” إن هذا كان لهم جزاء وكان سعيهم مشكورا “.

والسؤال لكل كافر بنعماء ربه، متنكر لفطرته وضميره، منكر لفضل هؤلاء وحقهم في الكرامة والرحمة والوفاء والبر :” هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون”؟

رفقا بهؤلاء المساكين فقد يسبقوننا للجنة ونحبس نحن على ميزان العدل نحاسب على ظلمنا لهم.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 10493 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.