الجمعة , 3 مايو 2024

فاطمة الرفاعي تكتب: بين الثلج والنار!

= 1237

امتلأ الجو بالدخان الأسود حتى أن الطير تساقطت من السماء

والصمت حل ولم أسمع إلا صوت الضواري والسباع والجثث مد البصر

والدماء تسيل كحمم البركان الهادر ورائحتها تقتل الروح وتهتك براءتها

شعرت أنني في كابوس أفقت وكانت مدامعي قد سالت على خدي و وسادتي

كنت منهكة ومنهارة

قمت من فراشي..صليت واستغفرت

ارتديت حجابي وخرجت بسيارتي لا أدري إلى أين

وكأني أهرب من كابوسي الذي له من واقعنا نصيب الأسد في الغاب…!

ابتعدت عن العمران كثيرا وبعد فترة ليست بالقليلة شعرت بنسمة باردة نقية تتسلل إلى رئتي

تنفست بعمق …. كانت رائحة الهواء جميلة

وكأن روحي انتعشت بعد طول خناق

لاحت في الأفق دوحة بيضاء كالثلج

اقتربت لم أصدق مارأيت

أوقفت المحرك ونزلت

كانت قدمي تترك أثرا بين الثلوج وهناك أشجار غطى أغصانها ندف الثلج

والثلوج تتساقط سرت كطفل لأول مرة يخرج للدنيا حتى وقفت على بحيرة قد تجمدت كلوح من البلور

شردت طويلا وأنا أتأمل الأسماك تحت البلور الصافي

حل المساء وشعرت بالبرد وكان ندف الثلج قد غطى ثيابي

سرت باتجاه مدخنة نزل قريب من البحيرة دخلت تحت المظلة الخشبية قرب النار ولا أكاد أصدق ما أراه وأشعر به

كان القمر في السماء بدرا يضيء المكان كله بصفاء وسكون يبعث الطمأنينة

تماما..كحلم أمتنا العربية الذي نتمناه ولا نكاد نراه

درت بعيني في المكان لا أكادت أفرق بين الحقيقة والخيال

هنا سلام لا يخالطه خوف… وهدوء بلا ترقب… وسكون بلا وحشة… وبراءة بلا كذب… أو تزين وصدق بلا نفاق…

هنا حلم الألف مليون

تناولت كوبا من الشاي ثم دخلت النزل وجلست قرب المدفأة في حالة من الدهشة والاستغراب

غفت عيني وأنا غارقة في فيض من المفارقات بين كابوس البارحة والحلم الليلة

أفقت قبيل الفجر توضأت وصليت..أنتظر طلوع الشمس في شوق شديد

طلعت الشمس وسمعت تغريد العصافير فخرجت مشدوهة، كيف تحيا الطيور الصغيرة بين الثلوج

ثم تذكرت البحيرة فهرولت نحوها فوجدت بعض الثلوج قد ذابت والأسماك تعانق شعاع الشمس في مرح وخفة

جلست هناك ومر بخاطري طيف الأحبة الذين فرقني عنهم سيل الدماء أو انقضاء الآجال أو بعد الديار أو دنيا ملئت بالآلام

خالطت بسماتي عبراتي مر نسيم عليل بي وأنا …..

يزداد شوقي كلما هب النسيم عسى..تأتي بهم دونما ميعاد أقدار

تمر أحلامي على نسمة..وأحيا بها فهي كل حياتي

تناولت سنارة وصدت بضع سمكات كان شكلها من أجمل ما يكون أن يكون من صفاء بريقها وجمال ألوانها و خفة حركتها ورقة ملمسها

حملت دلوي وقفلت عائدة إلى النزل ولا تكاد عيني تستقر على شيء طويلا من فرط الدهشة

وأنا أسير سمعت صوت خشخشة قرب جذع شجرة طويلة ممتدة الظلال

اقتربت وأنا يجتاحني الفضول ..فوجدت قطة صغيرة بيضاء كالثلج وعيونها بلون أغصان تلك الشجرة

حملتها أحاول إدفاءها فإذا بي استدفئ بها..كانت أكثر دفء من يدي

تعجبت كثيرا كيف تدفء هذه القطة وهي مختبئة بين كومة من الثلوج

سرت بها إلى النزل وجلست وهي بجانبي ننتظر شواء السمك وكانت مرحة جدا وكأنها سعيدة برائحة السمك

تعجبت من هذه الكائنات كيف تحيا وسط هذه الأجواء القارصة

قطع حبل أفكاري صوت سرب الطيور عائدة فذكرت قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:(لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا)

سقطت من عيني دمعة حسرة على حال أمتي الأشبه بالكابوس

هنا قتل وغصب وتدمير

هنا بكاء ونواح

هنا يفقع عين الكرامة والإنسانية

هنا يمزق قلب الوطنية والهوية

هنا خراب ودمار

هنا في بلاد الغاب يعلو صوت الذئاب

وتمزق أحشاء البقية

الكل تجشم عناء القتال

الكل ذاق مرارة الفقد والحرمان

الكل يعلوه البؤس ولا يفتأ عزاء أن ينقضي حتى يقام عزاء

الكل يكتسي بثوب الحداد

بكيت طويلا وتساءلت ألا يمكن أن نكون كدوحة الثلج

هدوء بلا خوف

وحياة بلا كمد

وبسمة بلا دموع

وبراءة بلا تحفظ

وصدق بلا نفاق

أغمضت عيني لأكبت صراخ آلامي وقد فاضت دمعاتي…

متى يا أمتي ؟

متى نعود لرشدنا …. وننثر أزهار الحرية وننشق عبير البطولة العربية والإسلامية؟

قريبا بعون الله يخبو الرماد ويحل الربيع على ربوع أوطاني ….!

شاهد أيضاً

“إجمع ما بقى من بقاياك”…بقلم نبيلة حسن عبد المقصود

عدد المشاهدات = 5022 حين يذهب الشغف في طيّات الفتور. ويستوي الأمران.من قربٍ وبعدٍ… حبٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.