الجمعة , 3 مايو 2024

عبدالرزاق الربيعي يكتب:رفسات ساخنة ..!

= 1408

razaq(1)


إذا كانت وكالة ناسا قد أعلنت إن عام 2015 كان الأكثر حرارة خلال 136 عاما وفقا لدرجات الحرارة المسجلة ، فإن بشائر صيف 2016 تشير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في ازدياد ، كما لاحظنا في الأيّام القليلة الماضية، رغم إنّنا مازلنا على عتباته ، ومع ارتفاعها يفقد الناس أعصابهم ، ويتعكّر المزاج ، وتكثر المشاكل ، فالعنف يزداد مع ارتفاع درجات الحرارة وكذلك السلوك العدواني ، كما يؤكد علماء النفس، ومن هنا يمكن تفسير قيام الثورات والانقلابات العسكرية والانتفاضات الشعبية خلال شهور الصيف، ومنها الثورة الفرنسية، وانقلاب الضباط الأحرار في مصر يوليو1952 وقلب النظام الملكي في العراق ، في 14 -7-1958م على يد مجموعة من الضباط، يقودهم الزعيم عبدالكريم قاسم، فبارتفاع درجات الحرارة يرافقها في شعوب العالم الثالث فقر، وقلة في الموارد المائية ، وارتفاع الباحثين عن العمل، وتردي الخدمات، وانتشار الأمراض، والأوبئة التي تهدر امكانيات الدولة، والتنمية كالتيفوئيد، والكوليرا، وضربات الشمس .

إنّ العنف لم يقتصر ذلك على الإنسان، فالحيوان نفسه يشعر بالضيق من الحر، ومن هنا لم أستغرب الخبر الذي نقل عن " إنترفاكس"، والذي ذكر بأنّ جملا في الهند عضّ صاحبه بعد أن ربطه في مكان مكشوف تحت شمس حارقة طيلة يوم كامل، وورد في الخبر أن ذلك حدث في مدينة بارمير بولاية راجستان، إذ سجلت الحرارة في هذه الولاية رقما قياسيا غير مسبوق بلغ 51 درجة مئوية، يوم وقوع الحادث، ويضيف الخبر " وقد قاسى الجمل الذي ترك قرب المنزل، وظل واقفا دون حراك تحت حرارة ملتهبة، وانشغل صاحبه في تبادل الأحاديث مع ضيوفه، وأخيرا تذكر الحيوان وما أن اقترب منه ليخفف عنه، حتى هاجمه الجمل وعضّه في رقبته وظل يرفسه حتى فارق الحياة" .

فدفع ذلك الهندي حياته ثمنا لـحقد جمله الذي فقد "أعصابه" من شدّة الحر، وهو حقد  يضرب به المثل القائل "حقده حقد جمل"،وهذا واضح من رفساته التي عبّرت عن ضيقه الشديد من الحرّ، وهي رفسات قاسية، عبّرت عن قسوة حرارة الشمس التي سترتفع أكثر في السنوات المقبلة ، إذ يؤكّد الخبراء " إنّ الأرض تقف على أعتاب مرحلة جديدة من حيث معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية والذي قد يصل إلى مستوى لم يشهده العالم طيلة السنوات الألف الماضية" وستزداد بحلول عام2020كما ذكرت وكالة" آي بي تي"  بناء على نتائج دراسة جديدة قام بها علماء من المختبر الوطني الأمريكي للطاقة.

وإزاء ذلك ، يجد البعض في السفر إلى المناطق الباردة في العالم حلّا مناسبا، لكنّ هذا الحلّ لم يعد منسجما مع ضعف ميزانيات العديد من العوائل بسبب تراجع الحالة الاقتصاديّة العامّة، وخواء الجيوب، وقلّة الحيلة، وضيق ذات اليد .

إلى جانب قرب حلول شهر رمضان الذي يفضّل الكثيرون قضاءه وسط الأهل، بعيدا عن مناطق تقلّ بها الحاجة للماء، لكن ساعات الصيام تطول تبعا لغروب شمس تلك المناطق، فضلا عن وجود مشاكل أمنيّة في العديد من الدول التي كانت تمثّل مناطق جذب سياحيّة مناسبة خلال شهور الصيف، لذا ،فليس أمامنا سوى الالتفات للمواقع السياحية المحلية، في صلالة والجبل الأخضر،وجزيرة مصيرة، وما إلى ذلك من مناطق فيها الحرارة أخف وطأة تنشيطا للسياحة الداخليّة، والتعايش، قدر الإمكان،  مع درجات الحرارة المرتفعة،  والتكيف مع الطبيعة، كما كان يفعل أجدادنا الذين واجهوا درجات حرارة عالية مع عدم وجود أجهزة التكييف، والتبريد، مستخدمين أساليب تلطيف الأجواء في نظم البناء القديمة التي تعتمد  على العمارة الطينية، وما إلى ذلك من وسائل حفظتهم من الرفسات الساخنة ، كما فعل الجمل مع صاحبه الهندي.  

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 11126 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.