الأحد , 28 أبريل 2024

عبدالرزاق الربيعي يرسم “نِصال الفَقدِ والسُهدِ والوجْد”

= 1505

Razak Book


مسقط  – العمانية

يضيف الشاعر عبدالرزاق الربيعي إنجازا شعريا جديدا إلى رصيد منجزه الشعري والإبداعي الكبير الذي قدم عبره العديد من الكتب في الشعر والمسرح والنص المفتوح والنقد الإبداعي وغيرها من الاشتغالات التي يعنى بها الربيعي.

تحمل المجموعة الجديدة لعبدالرزاق الربيعي التي صدرت مؤخرا عن مؤسسة بيت الغشام للصحافة والنشر والترجمة والإعلان عنوانا لافتا وهو: (قليلًا.. من كَثير”عزّة”)، في إحالة رثائية لزوجته الراحلة عزة الحارثي /رحمها الله/.

ورغم أن هذه المجموعة بلسمتها الوفائية والإنسانية تؤرخ للحظة ألم حاسمة في حياة الربيعي وما يكتبه، إلا أنها في الوقت ذاته تنقل النص الشعري من مفهوم الرثاء التقليدي، ليتحول إلى أسئلة عميقة مفتوحة على آفاق الحياة والموت والوجود والحب والجمال والفقد وغيرها من مكابدات الكائن وآلامه وآماله العريضة.

يقول عبدالرزاق الربيعي عن المجموعة في مقدمته التي عنوانها بـ(فاصلة، بين فاتحة وخاتمة الفقد): “ولم أشأ أن تكون هذه المجموعة كتاب رثاء بالمعنى الضيّق للكلمة بقدر حرصي أن تكون سردا لعلاقة “مودّة ورحمة” مع رفيقة  قاسمتني حوالي عشرين سنة بحلوها، ومرّها، من جانب، ومن جانب آخر أن تكون ساحة لتأمّل الحياة، من خلال ثيمة الموت، وأسئلته الكبرى التي عجز المفكّرون، والفلاسفة، وسائر البشر عن وضع إجابات لها، فظلّت مفتوحة،

يضيف الربيعي: “ولم أتوقّف عند تلك النصوص، فخلال مراجعاتي، وتأملاتي، وجدت نفسي أعود منساقا إلى أوراق قديمة وجدت فيها بذور إحساسي بفقدانها، رغم إنّ حياتنا لم يكن ينغّصها شيء، لذا استدعيت تلك النصوص من مخابئها في تلك الأوراق التي نشر بعضها، وأضفت إليها نصوص ما بعد الفقد، لأخرج بهذه المجموعة وفاء للراحلة، واستمراراً افتراضياً، لمسيرة حياتنا المسكونة بالكثير من الذكريات الجميلة التي عشناها سوية، فأضحت وقودا يدفعني إلى عوالم متجددة في الكتابة، والحياة، والنظر للمستقبل”.

إلى جانب ذلك تتضمن المجموعة إضاءة نقدية للناقد العراقي الدكتور حاتم الصكر بعنوان: (تراجيديا شعرية باذخة) ويقول فيها: “لذاكرة القارئ فيض قصائد الشاعر القديم (كُثير عزة) في حبيبته التي فقدها، مع تحوير الاسم لتتحقّق المقابلة، أو المفارقة بين كثرة الحب، والحزن على المرثية، وقلة كل ما سيقال عنها. كما أن العنوان الجانبي يقدّم تدرّجا ً دلالياً محسوباً بدقة من الناحية اللغوية: نصال الفقْد والسهد، والوجد، وأفعال السرد وأحداثه أيضا – سرد واقعة الموت وما يتداعى بعدها: فالفقد هو حدث أول، تلاه السهد كحالة إنسانية تعكس أثر الفاجعة، وصولا إلى الوجد الذي يبرز تذكاراً، وحنينا يشحنه، ويغذّيه الفراغ الذي تركه غياب الراحلة كوجود مشخّص، وعاطفة وحضور”.

من جهته يتوسع الشاعر عدنان الصائغ في دلالة عنوان المجموعة ليسقطه على تجربة الربيعي المطلقة المنفتحة على الرحيل والفقد والألم فيقول: {قليلاً.. من كثير “عزّة” (ديوانه الأخير 2016)}؛ هل هي “تراجيديا شعريّة باذخة” كما يصفها الناقد د. حاتم الصكر، أم هي إلحاقٌ بميتاته السابقة، على حد ما عنونه الربيعي نفسه لأول ديوان له في ثمانينات الحرب والموت والطاغوت (1987).. ذلك أن الموت لم ينفصل عنه، لهذا أعلن حداده الأبدي على ما تبقى (ديوانه الثاني 1992)، منذ أن فتح عينيه على الجنائز المعلقة (ديوانه الرابع 2000)، كأن الفقدان قدرٌ يتبعه كظله، فاتحاً شدقيه لالتهام كل ما قد تجود به حياته الشحيحة من مسرات، وآخره هذا القليل الجميل”.

جدير بالذكر أن المجموعة تشتمل على أكثر من خمسين نصا شعريًا تتفاوت على مستوى الشكل بين التفعيلة والمقفى. ونقتطف من أجواء المجموعة النصوص التالية:

تقاطع ألوان
مَهَرَتْ حياتي بالبياض
وأسكنتني في البياض
وألبستني
من مَبَاهِجِها البياض

وعندما اسودّتْ
سماءُ اللهِ
في العينِ الغريبةِ
أمطرت
فغدوتُ أرفلُ
 بالبياضِ

وسارت الأيّامُ
حُبلى بالبياضِ

وعندَ تقاطعِ الألوانِ
والأزمانِ
والأسماءِ
والأنواءِ
والكلماتِ
والخيباتِ
والأحلامِ
والأورامِ
ذابتْ..
ثُمّ
غَابَتْ
في محيطٍ مِنْ بياض

شاهد أيضاً

متحف محمود خليل…يجمع بين المدارس الفنية التشكيلية

عدد المشاهدات = 212 بقلم: هبه محمد الأفندي ولد محمد محمود خليل في سنه 1877م …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.