السبت , 4 مايو 2024

عادل عبدالستار يكتب: ثنائية الحركة والفكرة..!

= 4752

إن المجتمعات أبداً لا تُقاس بما تملك من أشياء وإنما دائما ما تُقاس بما تملك من أفكار ، وإن واحده من أهم خمس أزمات تواجه مصر بل والامه العربيه بأكملها هى أزمة الفكر…بالاضافه الى أزمة التخلف (الاميه وعدم جودة التعليم ) والسلوك وعدم الانتاجة والقياده … وهذا ما دفعنى الان الى كتابه هذا المقال بذلك العنوان ونحن قادمون على مرحله جديده فى الدوله المصريه ، مرحله ننتقل بها من الارتباك الى تحديد الهدف ومن يأس الماضى الى أمل الغد ، لا نستطيع ان ننكر ايها الساده اننا فى بلد إنما هى دوله مؤجله!! مرافق مؤجله ، وسياسات مؤجله وحتى أحلام مؤجله ، ولقد أصبح من المُلح ومن الضرورى أن تنتهى كل نلك المؤجلات ، إن مصر تستحق أن تسترد مكانتها التى عرفها التاريخ بها .

ولهذا جعلت لمقالى هذا محور واحد أردت ان ألقى الضوء بشده عليه وهو صناعه الفكرة .

إن مصر وعلى مدار عدة عقود كان بها ثُنائيات صنعت عصر النهضه والثورة فى مصر ، فكان هناك رفاعة الطهطاوى هو فيلسوف عصر محمد على ، وقد ذهب أديب بحجم بهاء طاهر وكما ذكر ذلك أحمد المسلمانى فى كتابه الرائع – مصر الكبرى – ذهب بهاء طاهر الى أن تميز تجربة محمد على السياسيه كان أحد أسبابها الرئيسيه تميز التجربه الفكرية لرفاعه الطهطاوى ، ثم نجد الامام محمد عبده مستشار للزعيم احمد عرابى ، ونجد عباس العقاد فيلسوف عصر سعد زغلول ، ونجد طه حسين فيلسوف عصر النحاس .

إن كل ما نتمناه الان بل ونحتاج اليه هو أن تعود تلك الثُنائيات مرة اخرى حتى تصبح صناعة الفكرة بجوار صناعة الحركة ، وحتى يتميز الاداء السياسى بجوار أو بتميز الفكرة ، نعم علينا الان أن نسعى لصناعه الفكرة قبل صناعه الحركة ، علينا أن نعطى الفرصه كامله لهؤلاء المفكرين والعلماء ليساهموا فى صناعه الغد لمصر ، علينا قبل أن نستفيد من عبقرية المكان أن نستفيد من عبقرية الافكار ، فالمعرفه تسبق الموقف ، والرؤيه تسبق الرأى ، وإكتمال الوعى يسبق مكارم الاخلاق .

ولذلك علينا أن نسير فى الطريقين سوياً – صناعة الفكرة وصناعة الحركة – علينا أن نصنع منظومة عمل جيدة تستطيع أن تُنتج وتحرك الاقتصاد المتوقف ، علينا ان نصنع منظومة تشريعيه جيده ، منظومة مروريه جيده ، منظومة صحيه وتعليميه جيده …….. وفى ذات الوقت على مُفكرينا وعُلمائُنا أن يصنعوا منظومة معرفيه نحن فى أحوج الحاجة إليها … عليهم ان يصنعوا الفكرة وعلى الدوله ان تصنع الحركة ، عليهم أن يُقدموا المعرفه وعلى الدوله أن تأخذ الموقف ، عليهم أن يُقدموا الرؤيه وعلى الدوله أن تأخذ الرأى ، عليهم أن يُقدموا الوعى وعلى الجميع أن يقدم مكارم الاخلاق .

إن كل ما أستطيع أن أقوله الان فى نهاية مقالى هو ما ذكره الاستاذ محمود عوض فى كتابه الاكثر من رائع ( بالعربى الجريح) يذكر عن إنجلترا فى الحرب العالميه الاولى حين أرادت أن تحمس أبناء وطنها وشعبها أقامت حمله دعائيه موسعه وكان أهم واشهر إعلان فى تلك الحمله والاكثر شعبيه وإحراجاً ايضاً ( وهذا هو الشاهد) إعلان لطفل يسأل أبيه : ماذا كنت تفعل أثناء الحرب يا ابى ؟

وهذا بالضبط السؤال الذى يجب أن نساله لانفسنا جميعاً الان بل ويجب أن نُعد إجابه عليه أذا ما سألنا أحد أبنائنا هذا السؤال : ماذا كنت تفعل أثناء سنوات الارتباك فى مصر يا ابى ؟ …

علينا جميعا أن نكون مُستعدون للاجابه على هذا السؤال من الان ، علينا أن نعمل أن نجتهد أن ننشر الوعى أن نتحلى بمكارم الاخلاق أن نفكر أن نُخلص أن نؤدى ما علينا تجاه هذا الوطن فى تلك السنوات سنوات الضباب ، حتى حين يسألنا ابنائنا تكون الاجابه جاهزة .
حفظ الله مصر … أرضا وشعبا وجيشاً ً
——————–
* كاتب المقال ممرض بالطب النفسي.

 

 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 11351 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.