الخميس , 2 مايو 2024

عادل عبدالستار العيلة يكتب عن: الجغرافيا الاجتماعية

= 4149

كنت أشاهد إحدى حلقات الفتاوى على قناة الناس، و إذ بسيدة تتصل وهى تبكى بشدة تتوسل أن يساعدها احد من أهل الخير لان ابنها يحتاج الى عملية وتحتاج الى 8000 جنية … أكرر فقط 8 آلاف جنية لتنقذ إبنها ، وشاء القدر أن اقرأ خبرا صحيحا عن صاحب شركة أمازون ( جيف بيزوس ) كانت ثروته فى بداية ازمة كورونا 117 مليار ثم وخلال اشهر قليلة فى شهر 9 من نفس العام وصلت ثروته الى 200 مليار دولار اى إنه زادت ثروته فقط خلال 6 شهور 83 مليار … اكرر مليار وليس مليون … وذلك لان جائحة كورونا أجلست الناس فى البيوت واصبح معظم التسوق الكترونياً ، مما زاد جدا الاقبال على أمازون .

وفى نفس السياق، تخبرنا منظمة أوكسفام غير الحكومية البريطانية أن 82% في المئة من الثروات التي تحققت في العام الماضي تدفقت على أكثر سكان العالم ثراء البالغ عددهم 1 في المئة فيما لم يشهد نصف الفقراء أي زيادة تذكر ، وهذا يعنى أن 1% و هم الاغنياء يمتلكون ما يعادل ما يمتلكه اكثر من 6 ونصف مليار انسان فى العالم !!! ، وهذا حدث نتيجة التهرب الضريبي وعائدات المساهمين والمسؤولين التنفيذين وعدم وجود ضمان لحد أدنى من الأجور للعمال ،بالاضافه الى أن الضرائب المفروضه أصلاً على هؤلاء ضعيفه جدا وهذا ساعد كثيراً أن الرأس مالية المتوحشة تزاد فى العالم .

ولو أنه تم فرض ضرائب نصف فى المئة فقط على أموال هؤلاء الذين يمثلون 1% ستخلق 140 مليون فرصة عمل حول العالم .

وهنا يمكن للقارئ أن يسأل ويقول … أمازون شركة أجتهدت وحققت مكاسب نتيجة مجهود أصحابها فلماذا يصبح للفقراء نصيب فى أموالهم ؟!! .. وهذا الكلام يُمثل وجهة نظر الراس الماليه ولكن هذا ليس صحيح لانه لا يمكن أبدأً أن يكون هناك شخص أغنى ويمتلك ما لا تمتلكه عدة دول دون أن يكون هناك مسئولية إجتماعية عليه ، لانه وإن حدث هذا لن تكون هناك ضمانه حقيقيه لحماية ثروته إذا ما ثار الناس ولن تتمكن اى دوله بمؤسستها الامنية حتى أن تحميه ، لذلك لابد من وجود درجة من الحماية الاجتماعية ، وهذا ما يدعو إليه علم الجغرافيا الاجتماعية ، وهوعلم جديد يدعو ويوضح ويشرح مدى أهمية سد وتضيق الهوة بين أغنى أثرياء العالم وبقية العالم حيث إنه ما زالت في اتساع، إذ ما زالت الثروات تملكها أقلية صغيرة تمثل 1% فقط من إجمالى سكان العالم .

هذا العلم يشدد على أهمية وجود توزيع عادل او منطقى على الاقل فى الثروة بين سكان العالم حتى نحافظ على السلم المجتمعى والعداله الاجتماعية ، وهذا لا يعنى او دعوة أن تاخذ الناس اموال دون وجه حق ولكن دعوة لفرض ضرائب عادلة على الاثرياء ووضع ضمانات حقيقيه عادله لاجور العمال ، وربما هذا ما دفع فى يوم من الايام 50 مليونير فى ولاية نيويورك أن يذهبوا الى حاكم الولايه ويطلبوا منه أن يزيد الضرائب عليهم ، ليس لان ضمائرهم استيقظت ولكن فعلوا هذا من أجل ضمان ثرواتهم وهذا ما يسمى ( بالحماية الاجتماعية ).

أخيراً … اقول للحكومات أن عليها وضع نظام إقتصادى عادل وناجح يُعطى كل ذى حق حقه ، عليها أن تشرع قوانين والاهم أن تحرص على تطبيق تلك القوانين التى تضمن حقوق العمال وحقوق الدولة من تلك الثروات التى تزداد بشكل موحش.

ونقول للأثرياء أنفسهم إننا نحترم ونقدر تعبهم وشطارتهم وإجتهادهم فى عملهم ولكن عليهم أن ينتبهوا الى مفهوم الجغرافيا الاجتماعية ومفهوم الحماية الاجتماعية فتلك خير ضمانه لهم ولاموالهم … ولا يتوهموا بأن تلك الفتات التى يخرجونها فى شكل تبرعات ستكسبهم الحماية الاجتماعية ، بل نريد نية صادقه وإعمال للعقل قبل الضمير.

(حفظ الله مصر … أرضاً وشعباً وجيشاً)

شاهد أيضاً

مسدس - جريمة

بعد حكم إعدام المتهمين…قرار جديد من محكمة النقض في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال

عدد المشاهدات = 11494 قررت محكمة النقض، اليوم الإثنين، حجز طعن المتهمين أيمن حجاج، وحسين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.