السبت , 4 مايو 2024

صناعة السعادة..والأسئلة الصعبة!

= 5449

بقلم: عادل عبدالستار

ربما ما دفعنى لكتابة هذا المقال تحت ذلك العنوان هو شعورى وكأن مساحة السعادة قد صَغُرت داخلنا ، فالمعظم اصبح يتحدث بشئ من الاحباط ، بشئ من اليأس ، وبكثير من عدم الرضا !! ، ثم تلاحظ أن المعظم ايضا يشتكى فقيرا كان او غنيا ، يعمل كان او عاطلا، متزوج كان او غير ذلك ! ، وهنا يأتى السؤال المهم لماذا نحن على ما نحن عليه ؟! وكيف نصنع السعادة ؟

لكن وقبل أن نعرض رأى الطب النفسى فى هذا الامر، ربما كان السؤال الأهم الان هو تعريف السعادة نفسها , والذي اختلف حوله الفلاسفة والعلماء على مدى التاريخ والغريب انه نفس السؤال الذي واجه واضعي تقارير السعادة فى الامم المتحدة والذى بدأ فى عام 2011.

وقد توجهوا فى بداية الامر أن يكون تعريف السعادة أقرب لتعريف الصحة الذي وضعته منظمة الصحة العالمية وهو :”حسن الحال على المستوى الجسدي والنفسي والإجتماعي وليس مجرد غياب المرض , ولكنهم على ما يبدو لم يقتنعوا تماماً بهذا وفقط , فبحثوا في المصادر الأساسية للسعادة ليستخرجوا منها محاور السعادة الرئيسية , وكانت المصادر كالتالي : 1 – الملذات – 2- الانجازا ت – 3- العلاقات – 4- القيم ، ثم تحدثوا عن امتلاك المشاعر الايجابية وإختفاء المشاعر السلبية ثم تحدثوا عن العلاقات الاجتماعية الايجابية والارتباط الوجدانى بين الناس بشكل عام ثم حرية الفكر ومدى مساحة الوعى لدى الشعوب…

ولقد كان للطب النفسى كلام رائع فى هذا الامر ولكن قبل كل شئ وقبل اى شئ علينا أن نعلم جميعا ونؤمن جميعا أن السعادة تنبع من إيمانك ، تنبع من تقربك الى الله ، تنبع من وجدانك ، تنبع من راحة ضميرك ، ويكفينا قول الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
وسوف نذكر هنا ما قاله الطب النفسى فى هذا الامر من باب الأخذ بالاسباب

– علينا أن نعلم اولا أن السعادة صناعة ومسئولية شخصية عليك ان تقوم بها بنفسك فلا تنتظر ضربة حظ او أن ياتى أحدهم ليصنع لك السعادة التى تنتظرها وتبتغيها، إن السعادة الحقيقية لا تأتينا من الخارج، بل تنبع من الداخل.

تقول الابحاث وكما ذكر ذلك استاذنا الدكتور محمد المهدى استاذ الطب النفسى .. أن 50 % من استعداد الناس للسعادة او العكس يرجع للجينات الوراثية بمعنى أنه ثُبت أن هناك عائلات لديها استعداد أن تكون بشوشه وسعيدة أكثر من عائلات أخرى والناس فى هذا ليس لها اى تدخل او اى ذنب لانه أمر وراثى …. ثم هناك 10 % من السعادة تتحكم فيها الظروف التى يمرون بها …ثم 40 % تقع على الشخص ذاته…لذلك على الفرد أن يعمل على نفسه لتحقيق وصناعة السعادة التى يرجوها ويبتغيها وهناك عدة اشياء وسُبل يستطيع من خلالها ان يصنع السعادة منها :

1- التواجد وسط مجموعه الناس الذين يُسعدوك وبوجودك معهم يُخرجوا أجمل ما بداخلك بتشعر بالسعادة معهم فالسعادة مُعدية ، والبعد عن المجموعه التى تسبب لك العكس فبتواجدك معهم يُخرجوا اسوء ما فيك فتكون غير سعيد .

2- الخروج من دائرة التعاسة … هناك من يتواجد داخل تلك الدائرة ويتألم منها ويصرخ ويشتكى والغريب انه مستمر داخلها ورسالتنا له اخرج من تلك الدائرة الى دائرة اخرى واخرى واخرى حتى تجد سعادتك… مثال … لو أن الزوج مثلا هو الذى يُمثل دائرة التعاسة للزوجة وهى تعيسه طوال ال 24 ساعه …السؤال …ماذا تفعل ؟ وكيف تخرج من تلك الدائرة ؟

والاجابة هى ..أن الحل فى هذا المثال هو القرار الجريء ..إما أن تنفصل فورا كى تخرج من دائرة التعاسة … او انها تقرر أن تُكمل معه ولكن عليها أن تخلق لنفسها دوائر أخرى كدائرة العمل …. دائرة الاولاد أن تعيش أمومتها وتستمتع بهذا … دائرة الهوايات..دائرة اسرتها .. دائرة الروحانيات، وهكذا حتى لا يصبح الزوج هنا هو المحور الاوحد لحياتها ( مصدر التعاسة ) .

3- هناك من يشعر انه لا يستحق السعادة … وكآن التعاسه بالنسبه له تطهير له وهذا الامر له علاقه شرطيه منذ السنه الاولى من عمره ….فقد ثبت علميا أن الطفل الذى يدللة والديه ويلاعبوه يكبر ولديه احساس بانه محبوب ومرغوب فيصبح لديه صورة ايجابية عن نفسه فيصبح مؤهل اكثر ليصبح سعيد من الطفل الذى ربما عاش فى ظروف اسريه صعبه او لم يشعر بالاهتمام من اسرته ..لذلك رسالتنا للاسر أن يتعلموا هذا الامر من وقت مُبكر.

4- الرضا… وربما تأتى تلك الكلمة وهذا المعنى بمثابة كلمة السر فى صناعة السعادة فكلما اتسعت مساحة الرضا داخلنا كلما اتسعت معها مساحة السعادة وربما يندهش القارئ الكريم حين يعلم مثلا أن مشكلة كمشكلة أزمة منتصف العمر أهم اسبابها عدم الرضا عن ما قد سبق وأن أهم طرق علاجها هى الرضا …لذلك أكرر واقول أن الرضا هى كلمة السر فهذا الامر.

5- التفاؤل.. … فالتفاؤل لا يعنى تجاهل الواقع وإنما هو استنهاض لقدرات الانسان الايجابية داخله لتغير حياته الى الافضل.

6- إن مكارم الاخلاق من الاسباب المهمه لصناعة السعادة فالحب والرحمه بين الناس والمودة والتعاون والإيثار وبذل العطاء والعمل بحب وإخلاص وإتقان والصدق بينهم كل تلك الامور إنما من شأنها أن تصنع السعادة للفرد وللمجتمعات .

7- الاستقرار الاسرى هو واحد من صناع السعادة …واقول للجميع بيقين وإيمان كامل أن الاستقرار الاسرى إنما ياتى من السعادة الزوجية …. والسعادة الزوجية تأتى حين يؤمن الزوج والزوجة أنه لابد أن يكون العنوان الرئيسى لتلك العلاقه هى الاحسان فى الرضا والغفران فى الغضب.

————————-
* الكاتب يعمل بالطب النفسي.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 11374 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.