الإثنين , 6 مايو 2024

صديق الموتى: بسمعهم ينادوني باسمي!

= 961

 


20 عاما، قضاها سعيد مغسل مشرحة زينهم في العاصمة المصرية بين الجثث، لا يكل من تغسيل الموتى حتى أطلق عليه "صديق الجثث"، المغسلاتي البالغ عمره 60 عاما يخرج من منزله يوميا بعد تأدية صلاة الفجر في المسجد والذهاب للمشرحة لتنظيفها، وتجهيزها لاستقبال الموتى ويجلس داخل غرفة التغسيل التي تحتوي على سرير طويل "طاولة الغسل" وجرادل وخراطيم مياه أدواته المستخدمة في تغسيل الجثث وتجهيزها بعد تشريحها لتسليمها لذويها وفق تقرير لصحيفة اليوم السابع.

اللقاء بـ"الشيخ سعيد المغسلاتي" تم داخل غرفة عمله بمشرحة زينهم بالسيدة زينب وتحدث معه عن طبيعة عمله كمغسل لتشريح الجثث، لإزاحة الستار قليلا عن الغموض الذي يحيط بالحياة داخل المشرحة، وتلمس الوجه الآخر من حياة العاملين بداخلها، ومدى تأثير عملهم بالمشرحة على نمط حياتهم وعلاقاتهم بأسرهم وأقاربهم وأصدقائهم وجيرانهم.

يقول الشيخ سعيد، أنه بدأ في ممارسة مهنة المغسل وعمره 28 سنة كان بيغسل لوجه الله لقلة العائد الذي كان يتقاضاه من إيجار محل لبيع موبيليا قائلا "ابو مالين كداب"، ولديه 3 أولاد وبنتين يسكن في غرفة بمنطقة إمبابة بالجيزة، مؤكدا أنه يعشق عمله كمغسل أكثر من بيته وراضي عن حالته المعيشية رضا كامل وفخور بعمله كمغسل لدرجة أنه طلب من أحد أولاده استكمال عمله في الغسل إلا أنه رفض، وذلك لخوفه من استياء الناس منه أو رفض حبيبته وأهلها الزواج منه بعد عمله كمغسل في المشرحة.

 "أنا بحبهم وهما بيحبوني" هذا ما قاله مغسل مشرحة زينهم عن علاقته بالجثث والموتى، فحبهم له أمر منطقي، فهو يؤهلهم للقاء الله علي أفضل حال، فكيف لا يحبونه؟ ويقابل الشخص بعد عزرائيل مباشرة وطيلة عمله في المشرحة قابل العديد من المواقف والأحداث التي لا تنسى، خاصة خلال الأربع سنوات الأخيرة، فأغلب الشهداء بداية من 25 يناير مروا عليه، لذلك استحق لقب "صديق الشهداء" بجدارة، سواء كانوا متظاهرين أو رجال شرطة أو جيش، مؤكدا أنه يفضل الجلوس مع الأموات بدلا من الأحياء لأنها تذكره بالآخرة.

وروى "الشيخ سعيد المغسلاتي" أحد المواقف المثيرة التي حدثت له، "في مرة كنت مستعجل وعاوز أروح البيت فخرجت من المشرحة ببدلة الغسل وركبت ميكروباص أول ما الركاب قروا الكلام اللي على بادج البدلة "مغسل مشرحة زينهم-النيابة العامة" في منهم ناس خافت مني وطلبت من السواق يقف وينزلهم والباقي قعد يقولي ربنا يكفينا شرك..ساعتها من جوايا زعلت اوي وقولت شر ايه انا مبعملش حاجة وحشة لحد نفسي الناس تفهم ده".

وروى"الشيخ سعيد" أحد المواقف التي هزت قلبه أثناء غسله لإحدى الجثث، أولها أثناء تشريحه لجثمان عجوز مجهول "لم يتم التعرف على هويته" اتفاجئت باستنشاق رائحة وشعرت وكأنها مسك في جسده، حتى الآن لم أستنشق هذه الرائحة الطيبة، وكانت تبدو على وجهه الابتسامة وكأن شعاع نور يضيء وجهه، فضلا عن أثناء تشريحي لرجل توفي في حادث دخلت علي زوجته أكدت لي أن وصيته أن ولاده وزوجته يغسلوه بنفسهم على الرغم من صغر سن ولاده، لافتا إلى أنه كان ينهار من البكاء عن كمية الوفاء أثناء غسله خاصة أثناء تحسيس أولاده الذين لم يتعدوا الـ10 والـ15 عام من عمره على جسد أبيهم وشعره قائلا: "ولاده مهما كبروا عمرهم مهينسوا يوم زي ده".

ويستكمل "الشيخ سعيد المغسلاتي" : "بالنسبة للأصوات انا ياما سمعت أصوات كتير اللي بيناديلي باسمي، واللى يقولى تعالى عايزك.. بس أنا خلاص اتعودت مبحطش فى بالي، آخرهم من كام يوم وأنا بايت لوحدي فى المشرحة، وقاعد فى غرفة المبيت بتاعتي، لقيت حد بينده عليا وبيقولى "ياشيخ سعيد تعالى" أقوم افتح الباب ملاقيش حد، فأرد عليه أقوله: انت بتعاكسني ماشي ياعم متشتغليش بقى وسبنى أنام، واخدها بضحك وأقعد وده دايما بيحصل لما ببات لوحدي".

وعلى الرغم من ذلك، أكد مغسل مشرحة زينهم أنه فى أوقات معينه يشعر بالخوف، قائلا: "أنا مؤمن بربنا وبتكل على الله والأوقات اللى بحس فيها لما بكون لوحدي والنور قاطع، ساعتها بهتز وبشغل القرآن، وبحاول انام لكن الثلاجات بتكون شغالة عادى من مولد الكهرباء".

شاهد أيضاً

مسدس - جريمة

بعد حكم إعدام المتهمين…قرار جديد من محكمة النقض في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال

عدد المشاهدات = 15672 قررت محكمة النقض، اليوم الإثنين، حجز طعن المتهمين أيمن حجاج، وحسين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.