الخميس , 16 مايو 2024

شيرين وجدي تكتب عن إحتراف الخطأ !

= 2853

Man in Roud


خلق الله سبحانه وتعالى كل الكائنات الحية فى أطوار نمو متدرجة.. من طفولة الى صبا الى شباب الى شيخوخة وصولا الى الموت.. ومع ذلك يظل "الإنسان" هو الكائن الحى الوحيد المحير من قديم الأزل .. بداية من المراحل الأولى للتكيف مع الحياة..والخطوات التى يتعلمها منذ نعومة اظافره ..من الزحف والحبو وتجربة الوقوف ثم السقوط أرضا.. الى المشى والجرى والهرولة.. وصولا إلى الإتكاء على العصا لدرء عوارض العجز وتأثيرات الشيخوخة والوهن..

وفى كل مراحل حياتنا.. نقع ونقوم ونتخبط على امل ان نتعلم، وهذه هى فطرة الخلق التى فطرنا عليها، لكنني لا ادرى حقاً لماذا يصيبنا داء عجيب لم نعرف اسمه حتى الأن ولم نعرف له علاج، وهو إحتراف الخطاْ..ففى الصغر يقف الطفل ويقع وبالفطره تجده يتكىء على شيئ حتى يستطيع الوقوف، وهذا طبيعى لإكتساب بعض المساعدة وتحقيق الهدف، وعليك ان تقيس ذلك فى كل التصرفات مروراً بالطفولة والمراهقة.

لكن بعد ان يصل الإنسان الى مرحلة الشباب يصبح هناك احتراف شديد للخطأ..فلا يتعلم الإنسان بسهولة ولا يعترف بخطئه، بل يتمادى به وينتهى به الحال مروراً بسنوات العمر بين إخفاقات فى علاقات شخصية تمسك بها بشده وهى لا تصلح، واصم اذنه عن نصائح الأخرين، او علاقات تنازل عنها بكل بساطة وهى كانت مستقبلاً ستكون سببا لسعادته وتحقيق احلامه.. او اخفاقات من نوع آخر مثلاً فى مجال العمل من حيث شعوره بالتميز والإنفراد، وانه عقلية فذة لا يمكن الوصول اليها .. ويبدأ بالتلاعب والتعجل فى الوصول للأهداف فيبدأ فيروس إحتراف الخطأ فى الظهور، وبدلاً من الإجتهاد والمثابرة يطمع فيخطئ، وبدلاُ من ان يطور ذاته ينتهى به المطاف إما بالرشوة او الإختلاس او النصب.

هناك نمط آخر مصاب بأصعب الأمراض الفتاكة، وهو التكاسل والتواكل، فلا يتحرك وتسيطرعليه فكرة واحدة، انه مازال يبحث عن الفرصة المناسبة والتى لا تأتى ابداً لانه لا يسعى اليها ابداً، وتستمر سنوات العمر فى الرحيل دون ان يقتنص اى فرصة، ويفيق على شباب مضى وشيخوخة تهاجمه دون اى نجاحات تذكر..

اما فى مجال الدين والسياسة حدث ولا حرج، فقد يصيبك الإعياء من الحوار مع مرضى احتراف الخطأ، فهم صمً بكمً لا يعقلون.. فلا يسمعوك ولا يتعقلون كلامك، وان اشرت عليهم بأن يقرأوا او يبحثوا عن المعلومة الصحيحة حتى لا يضلوا.. سيكون الرد سبابا ولعانا وكأنهم اصبحوا اولياء الله او اباطرة السياسة المنزهين عن الخطأ، فينتهى بهم المطاف إما بالإلحاد وان لم يكن معلنا او بالسجن لإعتناق افكار متطرفة.. او التغرير السياسى خلف شخصيات وهميه تصنع الحلم ونحن نصدق أنه موجود.

اعتقد ان الإنسان لابد أن يحافظ على فطرته فى الوقوع والإتكاء والتعلم.. وان يتوقف عن أمراض وأساليب الكبر والتعجرف وتحدى الحقائق.. يجب ان نستمع ونتعلم ونخطئ ونصيب..عندها سيندثر فيروس احتراف الخطأ.. ويطفو على السطح بدلا منه إحتراف التقدم والنضوج والنجاح.

logo

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: الاحتلال بالأفكار وليس بالسلاح (١)

عدد المشاهدات = 3514 التاريخ يؤكد أن جميع القوى العظمى التى احتلت غيرها من الدول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.