الإثنين , 29 أبريل 2024

شيرين وجدي تكتب: بعض ذكريات الشتاء

= 1387

سنوات مرت وانا أركض وراءك..ابحث عنك بين البشر..كم ارهقتنى !

كنت كلما اختفيت عن عيني.. أتوجس خيفة أن افقدك، فأجرى في الأرض بحثاً عنك فى كل مكان ، لا أدرى لماذا لم أيأس من العثور عليك؟ ولا أدرى لماذا سأظل ابحث عنك؟

فأنا وانت لن يجمعنا مكان ولا عنوان ولا افراح ولا أحزان، كلانا صنع لنفسه عمرًا وكيانا فى أرضً تخلو من العشاق ومن الفرسان، فلا انت الآن فارسى، ولا أنا من حور الجنان.

ويلح علي السؤال: لم ابحث عنك؟

حين أمر على منزلنا القديم، أجد جدرانه بليت اكثر مما كان، وانطفأت انواره، وشاخت جدرانه، وبدا القبح من الأبواب.. فقد أندثرت الأصوات، واختفى ضجيج الصبا وصيحات الجيران، رحل من رحل، وهجر من هجر، واختفى وميض الأهل الذى كان لى مثل مشكاةً تضيئ الذكرى وتنعم على بالسلوان.

كنت حين أمر ببيت الصبا أسمع صوت عجوزً كهل تتحدث من خلف الجدران، فأتذكر كم لهونا يوماً بجوارها حينما كانت انثى غضة تشع قوة وحنان، كم وبختنا، وكم جرمت حبنا البرىء جهراً وفى الكتمان.

كنت أرى الدرج المتكسر، واتذكر كم قفزنا ولهونا فى اللحاق ببعضنا خفية بحثا عن قبلة مسروقة فى لحظات النسيان.

اتذكر يوم توقفت بى السيارة فى يوم شتاء بارد، وأنا انظر من نافذه ملطخة بأبخرة الزمان، والذكريات تحوم من حولى فتجعلنى اتكوم على مقعدى فى إنتظار امراً كان او سيكون سيان، فإذا بوجهك أمامى، ويداك ترتفع ملوحةً فى الهواء، وها هو القدر كما تعودنا ما ان رأيتك وانتشيت وحاولت مراراً فتح نافذة الحياة أو السيارة لا أدري، ولكن هيهات ان يسمح لنا القدر بالإنفلات، وذهب كل إلى غايته، والقدر ينظر إلينا فى تحد وثبات.

في ذلك اليوم..سقطت دمعة من عينى فى صمتً، وعدت انا كما كنت، وعاد هو كما كان، لتنطوي قصة حبنا بين ثنايا النسيان!

والآن..يدق الشتاء بابي، دون أن يحمل لي أخبارك، كما لو كنت فى زمان وانت فى زمان، وماتت كل أحلام اللقاء.. ولكنى انتظر يوما تتوقف فيه سيارتى، واجدك أمامى، فافتح النافذة، وأخبرك بما صنعه بى الزمان.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 7979 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.