الأحد , 5 مايو 2024

د.محمد سعيد محفوظ يكتب:أمي..والإمام الطيب!

= 1671

Moh Said Mahfouz

حين أوكلت لي مهمة تقديم برنامج ‫#‏الإمام_الطيب‬، فرحت أمي كثيرا، وظلت تتابع معي تطورات العمل يوما بيوم، وكانت فخورة بأني أحاور قامة دينية وفكرية، ومتفائلة بأني سأقدم برنامجا مختلفا ومميزا ومؤثرا..

بذلت أقصى جهدي في هذا البرنامج من أجل أمي، ولم يمض يوم من أيام التصوير إلا وكنت أوصي فضيلة الإمام الأكبر بالدعاء لها بسرعة الشفاء!

وحين بدأ بث برومو البرنامج، كانت أمي في المستشفى، وكانت آلام المرض قد اشتدت عليها، لكن فرحتها بقرب بث البرنامج أعادت الإشراق لوجهها.. يومها قالت للطبيب مازحة: كنت على وشك الرحيل.. لكن محمد عطلني!

كنت أعد الأيام ليبدأ بث البرنامج كي يحيي الأمل في قلب أمي.. حمدت الله حين سمح لها الطبيب بمغادرة المستشفى قبل بدء رمضان بليلة واحدة.. وصرت أحسب الوقت المتبقي على بث الحلقة الأولى، بينما كانت حالتها تتراجع، وكان إشراق وجهها يتلاشى، وابتسامتها تختفي، ونظراتها تذبل!

كانت أمي تستلقي على الفراش منهكة حين بدأت الحلقة الأولى عصر اليوم الأول من رمضان.. شاهدتها بين النوم واليقظة، بينما يختلط صوتي وصوت الإمام بهدير الأوكسجين الذي لا يفارق أنفها عبر اسطوانات عملاقة تملأ الغرفة!

سألتها بعد الحلقة: ما رأيك؟ قالت بصعوبة: جميلة! لم تزدني من آرائها التي كنت أحسب حسابها وقت التصوير! لم تناقشني في الأسئلة والموضوعات كما اعتادت طوال سنين عملي في التليفزيون.. لم تقو على استقبال مكالمات المهنئين بعد الحلقة كما توقعت.. الاتصال الوحيد الذي أجابت عليه، كان من بنت أختها، وقالت لها بمجرد الرد: أنا انتهيت!

في اليوم التالي استيقظنا على صرخات الألم، ولأول مرة طلبت مني الاتصال بالإسعاف.. كانت تؤمن خلال مرضها أنها إذا انتقلت للمستشفى على نقالة الإسعاف، فلن تعود!

بعد يومين انتقلت روح أمي إلى بارئها.. وسرعان ما استجبت لضغوط الأصدقاء بتلبية دعوة التليفزيون الألماني لحضور قمته الإعلامية في بون حتى لا أخذل اثنين من طلابي المدعوين..

مضت أيام شهر رمضان دون أن أشاهد من حلقات البرنامج سوى تلك التي شاهدتها وأنا أمسح على رأس أمي، وأربت على جسدها المتمدد في وهن على الفراش.. لم أجد بعد رحيلها متسعا في قلبي للانشغال برأي الناس فيه، ولا لمناقشتهم في أفكاره..

لكن برنامج #الإمام_الطيب كان وسيظل هديتي لأمي، حتى وإن لم يمهلها القدر لاستلامها..

شاهد أيضاً

“إجمع ما بقى من بقاياك”…بقلم نبيلة حسن عبد المقصود

عدد المشاهدات = 6117 حين يذهب الشغف في طيّات الفتور. ويستوي الأمران.من قربٍ وبعدٍ… حبٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.