السبت , 4 مايو 2024

د.علا المفتي تكتب: “إنه يبحث عنك”!

= 1729

عد إلى الماضي، للماضي البعيد، البعيد جدا من رحلتك الحياتية. راجع شريط حياتك بدقة. حاول أن تتأمل تفاصيلها بروية، وأن تتذكر أحداثها المؤثرة والعابرة. هل تذكر أمنياتك وأحلامك، التي داعبت نفسك وسعيت لتحقيقها؟ دونها من فضلك، واكتب كل أمنية وارسم كل حلم، تحقق أو لم يتحقق.

انظر إلى أمنياتك المتحققة، وتلك التي لم تتحقق ثم سل نفسك، لماذا تحققت أمنيات وفشلت أخرى؟ هل بسبب الظروف أو الحظ أو الإمكانيات، أو الخوف أو اليأس أو أي سبب ظاهري آخر؟

أتدري ما هو السبب حقا؟! إنه أنت. نعم أنت. أنت سبب ميلاد الأمنيات، وسبب موتها. أنت من ترسم أحلامك، وأنت أيضا من يمحيها من صفحة واقعك. أنت يا صديقي ما تتمناه، بل أنت ما تفكر فيه أيضا. فإن تمنيت بيقين التحقق، استطعت أن تحول أمانيك وأهدافك إلى واقع ملموس.

حاول أن تحلل مواقف نجاحك في تحقيق أهدافك، وضع يدك على مكمن النجاح. ستجد أن السر هو رغبتك القوية في تحقيق النجاحن ونوال الغاية. فكلما كنت متيقنا بقدرتك على النجاح، والوصول إلى الهدف، وسعيت إليه بصبر ومثابرة، ويقين في توفيق الله، سيهيء الله لك الأسباب، لتبلغ مرادك.

فإن الله لا يلقي في قلب عبده أمنية، إلا لأنه يعلم أنه قادر على الحصول عليها، فيقدم له أسباب تحققها. لكن الله يطلب منك السعي والمجاهدة، حتى تنال أهدافك في الوقت المناسب لك، الذي يختاره الله وليس أنت.

إن ما يعيق أمنياتنا عن الحدوث، هو عدم يقيننا في القدرة على تنفيذها وافتراض استحالتها، والتفكير في العقبات، وليس في الإمكانات والحلول.

كما أن طبيعة الإنسان العجولة، تحمله على الشعور باليأس، حينما لا يحقق هدفه في الوقت الذي يريده بالتحديد، ولا يعلم أن هناك حكمة إلهية، في اختيار الله لوقت تحقق الأهداف والأماني. لكن نظرة الإنسان دوما ضيقه، لا تبصر حكمة الله إلا فيما بعد حدوثها.

يا قارئي الكريم (اللي يخاف من العفريت يطلع له)، فكل ما نتوقعه خيرا كان أم شرا، مرهون بمدى بيقيننا في حدوثه. وقد قال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه (كل متوقع آت)، وهذا ما يطلق حديثا عليه في علوم الطاقة (نظرية الجذب الفكري).

وقد قال الله في حديثه القدسي “أنا عند ظن عبدي بي”، فلنتفاءل بالخير لنجده، ونحسن الظن في الله، ونسعى لتحقيق الأهداف بكل مثابرة ودأب، ولا نتعجل النتائج. ولنتخذ من مقولة العالم الفقيه الصوفي، جلال الدين الرومي (ما تبحث عنه يبحث عنك)، دافعا نحفز به ذواتنا، عندما نشعر أن المعوقات حاصرتنا من كل جانب، وأن اليأس والإحباط يداهمنا.

كافح يا صديقي بيقين، فأمنياتك ملك يديك، لا يفصلك عنها سوى مسافات الزمن. وهي الآن تبحث عنك، وتسعى إليك، فيسر لها طريق الوصول.

————-

* مدرس أدب وثقافة الطفل بكلية بنات جامعة عين شمس

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 11492 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.