يعتقد الكثيرون أن البناء النفسي للطفل يبدأ بعد الميلاد أو داخل رحم الأم كعلقة ولكنه يبدأ باختيار كل من الزوجين للآخر وعلي أي أساس تم هذا الاختيار ..هل على أساس الحب والتفاهم ام علاقة جنسية عابرة أو مصلحة مادية لكلا الزوجين أو اختيار ذويهم لهم ؟ .
مما لا شك فيه أن طريقة الاختيار سوف تعكس إلى حد كبير الحياة المرتقبة بين الزوجين من تفاهم وحب ومودة وهذا يؤدى بدوره إلى انسجام داخلي في كل الوظائف النفسية والجسمانية داخل الجسم .
وقد يظن الكثيرون أن الطفل لا يتأثر بالبيئة من حوله إلا بعد ولادته بوقت طويل أو بعد أن يصبح قادرا على إدراك الأشياء من حوله والتفاعل معها ويعبرعن ذلك التفاعل، ولكن الحقيقة أن الطفل تبدأ رحلته في رحم الأم، فهي تلك البيئة الأمنة التي يتأثر بكل شئ فيها، فمثلا لو كانت الأم يغلب عليها إحساس الخوف والرهبة سينتقل هذا الشعور إلى الجنين، ويعمل على رفع نسبة “الأدرينالين” بالدم نتيجة لإثارة الجهاز العصبي، وهذا يؤدى إلى ضيق الأوعية الدموية إلى الرحم وبالتالي قلة كمية الدم الواصلة للجنين، وهكذا تتغير نسبة الدم الواصلة بالزيادة أو النقصان حسب انفعال الأم مما يؤدى لنقص كمية الغذاء والدفء التى تصل اليه، ولذلك لابد للأم أن تعي ذلك جيدا منذ لحظة الاختيار الأولى للطرف الآخر لأن ذلك سيترتب عليه مستقبل وحياة الطفل فيما بعد.
وكان لاختيار كل من الزوجين للآخر دورا هاما ومحوريا فى حالة الاستقرار النفسي بعد الزواج، والذى ينتج أطفالا أصحاء نفسيا وجسمانيا، ولكن هناك جوانب أخرى للاختيار من حيث صفات كل من الزوجين وقدراته العقلية والجسمانية، ونقصد هنا الصفات التي يورثها كلاهما للطفل .
فالطفل كما يرث الصفات الظاهرية كلون البشرة والعينين وغيرها من الصفات، يرث أيضا صفاتهما النفسية والعقلية، ومن هنا كان لابد من حرص كل من الزوجين في اختيار شريك الحياة سليما نفسيا وجسمانيا وعدم السرعة فى الاختيار.
فالطفل الذى ينشأ بين أبوين صحيحين جسمانيا ونفسيا ينموا نموا سليما من الناحية الجسمانية والعقلية ويعيش فى بيئة نفسية آمنة ومطمئنة، وعلى العكس من ذلك الطفل الذى ينمو فى بيئة غير أمنة يغلب عليها المشاكل والتوتر، فينمو طفلا ليس سويا ويواجه العديد من المتاعب فى حياته المستقبلية ..فأولادنا كنوز لنا لابد أن نحافظ عليهم قبل مجيئهم للدنيا كي يشبوا أصحاء نافعين لأنفسهم ولوطنهم .
————
* كاتبة المقال إستشاري علم النفس.