الجمعة , 3 مايو 2024

داليا جمال تكتب: وزير بدرجة .. سكرتير!

= 1668

Dalia Gamal


logo - Smallestفي السينما المصرية كان «عطية» هو نموذج السكرتير المثالي للرجل الكبير , والذي جسده ببراعة الفنان هشام عبد الحميد في فيلم «معالي الوزير», وعطية هو مايسترو المواعيد, ومهندس اللقاءات ,وكمبيوتر ذاكرة معالي الوزير,وكاتم الأسرار,  وعين الكبير في كل مكان ,ومنفذ طلبات رئيسه ولو كانت مجرد رؤيا في منام !!

وكانت  ميزة  عطية وسر بقائه واستمراره واحتفاظه بمكانته كلمتين اتنين»حاضر يا فندم» و» كله تمام يا باشا», فلا يسمع من عطية تعليق غيرهما , فلا نقاش , ولا جدال, ولا أفكار, ولا أي محاولات للإبداع قد تثير عليه غضب الرجل الكبير, ولهذا تمكن عطيه دائما أن يحظي بثقة ولي نعمته , وضمن البقاء والإستمرار دون قلق .

 وفي مصر، ومنذ أزمنة طويلة وعلي مر حكومات متعاقبة مضت , اعتبر الوزراء والمسئولون أن شخصية عطية بتركيبتها الخاضعة الخانعة هي مصدر الإلهام لهم, والنموذج المثالي الذي لا ينبغي ان يغيب عن أذهان كل من أراد منهم الاستمرار والبقاء فوق الكرسي لأطول فترة ممكنة, ولذلك كان الوضع دائما أن الوزير مجرد متلقي لتعليمات القيادة السياسية ينتظر التوجيهات والحلول لأي مشكلة أو أزمة في وزراته من القيادات العليا, معتبرا نفسه مجرد وسيلة أداء للتنفيذ فقط, فلا يشغل باله بالبحث عن حلول أو تقديم اقتراحات أوحتي مجرد التفكير في وسائل للخروج من اي أزمة!!

علي اعتبار ان تشغيل العقل مرفوض وان التفكير خارج الصندوق لن يجلب علي صاحبة سوي الإستغناء عن خدماته في أول تغيير وزراي, باعتباره قد تجاوز حدود وظيفته واختصاصه,وهو ما أكده فيلم معالي الوزير ,حيث أن المرة الوحيدة التي فوجئ عطية بعقوبة فورية تنزل فوق رأسه من معالي الوزيركانت في اللحظة التي غابت فيها الفطنة عن «عطية» وتقدم لرئيسه باقتراح بزيارة طبيب نفساني  للتخلص من أزمته  ! فكانت عقوبته الفورية النزول بملابسه  في حمام السباحة !!

هنا أدرك المسئولين في مصر أن أي مبادرة بالتفكير أو حتي إقتراح لحل أزمة أو مشكلة ,قد تعرض صاحبها لعقوبة فورية تصل الي حد خلعه من منصبه!! وأن وظيفة كل منهم تبدأ وتنتهي فقط عند حد تلقي الأوامر وتنفيذها لا أكثر ولا أقل!!

ولكن..ونحن اليوم نعيش حقبة مختلفة , مع الرئيس   عبد الفتاح السيسي, يسابق فكرة الوقت والزمن , ويحلم بأن يعيد بناء مصر جديدة قوية وقادرة, لم يعد مقبولا أن يتمسك وزراؤنا بدور  السكرتير التنفيذي, ليكتفي كل منهم بترديد كلمتين “حاضر يا فندم” و « كله تمام» , في انتظار أن يقدم لهم الرئيس الأفكار والحلول , ويتخذ نيابة عنهم كل القرارات. بينما يتوقف دورهم علي انتظار التعليمات وتوجيهات القيادة السياسية, وإرسال رسائل عكسية أن كل شيئ تمام, حتي لو كان مش تمام !!

فلم نسمع عن وزير تقدم باقتراح لحل مشاكل المواطنين في وزارته, أو حتي تقدم بطرح فكرة جديدة تظهر كراماته ولو حتي علي سبيل إثبات استحقاقه لمنصبه! فمتي يتخلي السادة الوزراء عن دور «عطية»,ويقتنعون أن الدنيا قد تغيرت وأن كل «عطية» سيتم الإطاحة به عاجلا أو آجلا ,ولن يبقي له ذكر أو أثر.

 فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

————–
daliagamal2020@yahoo.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 11240 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.