الثلاثاء , 7 مايو 2024

داليا جمال تكتب: لقد وقعنا في الفن !

= 1520

Dalia Gamal


إنت مصري؟ يبقي حقيقي ومن كل قلبي كان الله في عونك، قلبي معاك. بعد أن أصبحت تعيش في زمن مطلوب منك فيه ان تظل فاضلا،  خلوقا،  مهذبا،  قنوعا،  لا تصدمك الدهشه إذا وجدت إبنك يلقي عليك تحية الصباح قائلا : صباحو قشطه يا كبير بدلا من صباح الخير يا والدي! ولا أن يرمقك بنظره ناريه منه قائلا «فكك مني بقي وبلاش الحوار الفاكس ده» إذا سألته مجرد سؤال إنت هترجع إمتي النهارده ؟

ومطوب منك الا تفقد عقلك إذا طالبتك ابنتك بغض النظر عن ملابسها وهي في طريقها للجامعة والتي تذكرك فورا بملابس «زينا بطلة مسلسل هيركليز» التي تكشف أكثر مما تستر!! وهي بتقولك فيها إيه دي هي دي الموضة وكل صاحباتي بيلبسوا كده!ثم تبادرك بسؤال بذمتك يا بابا مش أنا كده «مزه»!!

ومطلوب منك ألا تقلق راحة بواب عمارتك بكثرة الطلبات ولا تؤنبه لوتقاعس في نظافة العمارة، لا لشيئ  إلا لأن عليك أن تنأي بنفسك عن مواجهة غضب شخصية «عبده موته» التي يتقمصها البواب..لأن اعتراضك يعني أنك ستفهم وقت لا ينفع الندم معني كلمة «هيتعمل معاك الصح» من أصدقائه سواقين التوك توك.

وأخيرا وليس آخرا ..مطلوب منك ألا تتعجب إذا رأيت وقرات عن سيده مجتمع من أسره ثرية جدا تخلع العباية لضابط في المطار فقط لأنه يقوم بمهام وظيفته،  فتسمعه وصلة «ردح»بألفاظ وأفعال تعف عن إتيانها عوالم حارة «سكسكه»!

كل هذا واكثر،  حدث في المجتمع المصري يوم أن "وقعنا في الفن"،  يوم ان أصبحت السينما والدراما المصرية تخلق من البلطجي بطلا،  ومن العالم والمحترم تافها،  ومغفلا! ويوم أن اصبحت الراقصات والعاهرات هن أيقونات الجمال ونموذج المرأة التي تسحر ألباب الرجال،  ويوم ان أصبح إبراهيم الأبيض وعبده موته هم الشخصيات التي تحكم تصرفات الشارع المصري،  حيث لغة العصابات والدم والقبح، عندما خلقت السينما من تاجر المخدرات رمزا للرجولة والسيطرة،  وجعلت من الأب المكافح « راجل بركه» قليل الحيلة !! والبنت المحترمة نهايتها العنوسة بينما يرافق الحظ والثراء فتيات الليل!

وكما سبق ان تركت الدولة الحبل علي الغارب لأسعار السلع فانفلتت بلا رابط، تخلت الدولة عن دورها تجاه السينما والدراما والمسرح والتلفزيون،  وتوقفت عن إنتاج أفلام راقية، ودراما محترمة، وتركت لتجار ومقاولين البيزنس إنتاج كل ما هو قبيح ومشوه،  فانفلت الحبل،  وطاش العيار، وتراجع الفن الهادف الذي  يربي العقول والوجدان، وسيطرت لغة البلطجية والعوالم وسقط الفن المصري في إمتحان الإبداع وخلق اجيال مؤمنة بالوطن، تحترم تاريخها وتفتخر برموزه.  

ولأن الفن هو مرأة المجتمع فقد أصبحت صورتنا في المرآه مشوهه تماما،  بعد أن أصبحنا ننظر في مرآة محدبه .مشروخه بينما تفوقت الدراما السورية التي لا زالت رغم أوجاع سوريا الحبيبة تقدم الفن الراقي، والإبداع الذي يعلي قيمة الأسرة ونبل الأخلاق والتمسك بالهوية .ويعلم الأجيال الجديدة معني العيب . والحرام. أما نحن…فقد وقعنا في الفن !!

————-
daliagamal2020@yahoo.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 45 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.