الإثنين , 29 أبريل 2024

داليا جمال تكتب: كله … بالقانون!

= 1556


ومن منا لم يجلس يوما مع نفسه فى لحظة تجلى أثناء مشاهدة فيلم أجنبى, متسائلا بحسره ..وليه يا ربى ما خلقتنيش مواطن درجه أولى ! وليه يا ربى اعيش وأموت وأشقى فى عالم درجه تالته زى ده!!

والحقيقه إن الفرق بينك وبين المواطن الأمريكى مثلا ليس كما يدعى البعض بأنه كالفرق بين السما و العمى..لأن الفرق الوحيد بينك وبينه هو أن المواطن الأمريكى تحكمه سيادة القانون فقط، وهو يدرك تماما حقوقه وواجباته, ويثق بأن القانون سيسانده لو أن كائنا من كان قد تعدى يوما على حق من حقوقه دون النظر لمنصبه أو ثراءه أو مكانته الإجتماعيه..نعم سيادة المواطن…

إن الفارق بيننا وبينهم هو أن فى بلادهم كله بالقانون ..لأنه الحكم الأول والأخير بين الجميع دون تمييز لصالح الأكثر ثراء أو نفوذا أو سلطه ولذلك فهم يؤمنون به, بينما فى عالمنا الثالث كلما زادت ثروة المواطن وسلطته ونفوذه كلما تعاظم شعوره بأنه فوق القانون, فيتعمد خرق القانون وتجاوزه مستعينا بما له من سلطه وواسطه ونفوذ, وكلما كان المواطن فقيرا قليل الحيلة والمال والنفوذ كلما تزايد شعوره بالدونيه والإنكسار, وهو بدوره يحاول أيضا خرق القانون ولكن..دون ان يره أحد !!

وفى الحالتين نحن أمام شخصية غير سوية لا تبنى عليها مقومات دولة..وقبل ان نتحسر على حظنا العثر بانتمائنا للعالم الثالث، وبأن الست الوالده ليست “جوليا روبرتس” وبابا ليس “بروس ويلز” ,وتيته ليست “ماما امريكا”.. يجب علينا ان أن نبدأ فى بناء دولة متحضرة تحكمها سيادة القانون أولا واخيرا, لتهدأ النفوس وتنبعث الثقه وتسود الطمأنينة, وتزول الواسطة والمحسوبية، فيقيم عمل كل منا بجهده لا بتملقه ونفاقه لرؤسائه !!

إنما بالقانون المطبق على الجميع..والذى سيضمن احترام الطالب لأساتذته والتزام المواطن بقواعد المرور, واحترام الفرد لحقوق الغير دون تجاوز, ليس وفقا لمبدأ دينى أو اجتماعى , وليس نتيجة الاقتناع بحديث واعظ دين أو خبير اجتماع ..إنما إيمانا واقتناعا بسيادة القانون.

وهى الخطوه التى يجب ان نرسخها قبل الاهتمام بإصلاح التعليم أو تحسين الصحة أو دعم الصناعة او تشجيع السياحة لأن القانون هو الضمانة الحقيقية التى لن تتحقق بنداءات محاسن الأخلاق ومخاطبة الضمير.

فما رأينا دولة تقدمت بهذا المنطق, لكن الدول سبقتنا عندما جعلت القانون هو الضامن للقيم والمبادئ والتقدم, و عندما أعلت تطبيق القانون على الجميع سواسية إيمانا منها بأنه الإعلاء الحقيقى للدولة والذى بدونه لن تعلو ولن تنهض أى دولة..وكله بالقانون.
————————–
داليا جمال – كاتبة صحفية بأخبار اليوم.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 7842 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.