الأحد , 28 أبريل 2024

خلود أبو المجد تكتب: حتى لا يتحكم ببلادنا..العسل الأسود

= 1710

Kholod Abulmagd 2
قضت المحكمة الدستورية العليا اليوم السبت في جلستها برئاسة المستشار أنور رشاد العاصي بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (8) من قانون مجلس النواب التي تقتضي أو تقضي بحرمان المواطنين مزدوجي الجنسية من خوض انتخابات مجلس النواب ( الشعب).

لا نملك جميعا حق الاعتراض أو التشكيك في قرار قضاءنا المصري وخاصة عندما يصدر من أكبر جهة قضائية في الدولة والتي من المؤكد نحترم وجهة نظرها وحكمها على الأمور، فمن حق جميع المواطنين في أي دولة المساهمة في بناء أوطانهم كما يحلمون بها، ليتمكنوا من الحياة فيها متمتعين بحقوقهم وبالرفاهية التي تجعلهم غير ساخطين أو ناقمين عليها ما يدفعهم للبحث عن أي دولة أو مكان آخر يختاروه بلدا لهم يحقق لهم أحلامهم وطموحاتهم التي لم يتمكن موطنه الأصلي من توفيره له.

لست ضد أن يغادر أي شخص بحثا عن رزقه أو لقمة عيشه في بلاد الأرض، لكني ضد من يبحث له عن موطن بديل، فنحن هنا نتحدث عن أزمة انتماء في كيان الإنسان الذي يحمل هوية موطنين عاش بهما وشعر بالانتماء لهما.

ولا أملك حق إنكار الدعم الذي لاقته ثورتي يناير ويونيو من الجاليات المصرية المقيمة في الخارج، بل يكاد يكون دعمهم لمصر في ذاك الوقت وحتى الآن هو الأصدق لما يحملوه من مشاعر فياضة تجاه بلادهم التي حرموا منها ويشعرون بالحنين تجاهها، بل يراودهم كثيرا حلم العودة لترابها وقضاء ما تبقى لهم من عمر بين الأحباب والأصدقاء، وحتى الآن هذا الحلم مشروع، كما من المشروع أيضا أن يحاول منهم المساهمة في بناء الدولة ونهضتها بما حققه من نجاح سواء علمي أو استثماري، بل أنه واجب وطني أيضا أن يقدم كل من يملك القدرة على المساهمة في تحقيق نهضة الدولة وإعمارها.

ولكن سؤالي لمزدوجي الجنسية الراغبين في الترشح لمجلس النواب، هو ما الهدف وما الخدمة التي ستقدمها لدولة قررت في اللحظة التي حملت بها جنسية بلد آخر التنازل عن إنتماءك لها؟ فكلنا يعلم بأن شروط الحصول على جنسية بلد آخر تتطلب الكثير من الشروط والكثير من الاختبارات منذ البدء في الحصول على الفيزا، يكمن أهمها في سؤالك عن السبب الذي دفعك لطلب الهجرة والحصول على جنسية تلك الدولة المتوجه إليها، والتي يكون إجابته في أغلب الأوقات هي البحث عن فرصة للحياة وتحقيق الحلم والطموحات.

فهذا هو العسل الأسود الذي قدمه لنا الفنان المميز أحمد حلمي في فيلمه منذ سنوات، والذي تناول وأوضح فيه حال كثير من مزدوجي الجنسية، الذين يصابوا بخلل جيني في إحساسهم بأوطانهم التي ينتمون لها في الأساس، بل أنهم يلجؤون لأوطانهم البديلة لجلب حقوقهم الضائعة في موطنهم الأصلي، فكيف لنا أن نسمح لهذا الخلل الجيني بأن يتوغل في أوطننا ويتحكم في سياساتنا بل ويقر قوانينها، التي من الممكن أن تتعارض مع قوانين ومصالح تلك الدول التي ينتمون إليها أيضا!!

خاصة وأن هذا الحلم لن يتوقف فقط عند هذا الحد، فما من سياسي وحالم بالسلطة يتوقف لديه طموحه عند هذا القدر البرلماني والذي يكون بالعادة الخطوة الأولى نحو الترشح للمناصب الكبرى في الدولة، ولأننا في دولة ديموقراطية تنتخب رئيسها فمن الممكن أن نجد لدينا من هؤلاء من يحاول الوصول لهذا المنصب، وحينها حتى وإن تخلى عن جنسيته البديلة سيبقى بداخله حنين وإنتماء لها دون أن يشعر لأنها بداخله ستصبح هي أهم وأبرز الأسباب التي مكنته من الوصول لتحقيق أهدافه.

وأؤكد بأن وجهة نظري ليست إعتراضا على قرارات قضاءنا الشامخ، بل أنها مجرد قراءة لما يمكن أن يترتب عليه مثل هذا الحكم في المستقبل، لا مانع من المشاركة في بناء الدولة ولكن يجب أن نعيد النظر في سماحنا لهم بإقرار قوانينها.

logo

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 6470 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.