الجمعة , 3 مايو 2024

خلود أبو المجد تكتب: بين النعيم والأمان..إسمع يا

= 1964

Kholod Abulmagd 2

كنت قد آثرت الكتابة هذا الأسبوع عما يدور في ذهني وما يستفزني، على الرغم من أن الفكرة كانت تعن كثيرا وأصول وأجول لأجد نفسي أمامها مرارا وتكرارا، وساهم في ذلك ذاك اللغط الإعلامي الكبير، والمواقف التي تتبدل بين ليلة وضحاها وجعلتني أضحك كثيرا حول هذا التبدل السريع للنبرة التي تنطق بها البرامج أو بالأحرى مقدميها لأسباب قد أكون قريبة منها وألمسها جيدا، لكن ما ساهم في إصرار الفكرة على البزوغ للنور ذاك السيناريو والحوار الرائع الذي كتب به فيلم "طيور الظلام" للرائع وحيد حامد، الذي تصادف أن شاهدته هذا الأسبوع وكأنني لأول مرة أشاهده، بل أنه جعلني أصفق لتلك الرؤية المستقبلية التي طرحت قبل ما يحدث الآن بسنوات طويلة، بل أن من يشاهد كل أفلام التوأمة الجميلة التي بين الكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج شريف عرفة والتي يكملها الفنان القدير عادل إمام يجد أنه أمام العديد والكثير من الدراسات والبحوث السياسة التي أخجل وأنا أعد نفسي بعد خمسة عشر عاما من العمل في الإعلام، مازلت أتحسس مشواري الكتابة أو الخوض فيه.

إسمع يا فتحي…إنت في نعيم بسببي
وإنت في أمان بسببي

تلك الجملة الحوارية في طيور الظلام هي ما استوقفتني كثيرا وجعلت هذه الفكرة التي أسطرها لكم تعن كثيرا وتركض ورائي لتظهر للنور، فذاك الصراع بين الإخوان أبادهم الله وخلصنا منهم ومن تبعاتهم، وبين المتنفعين مما يحدث في المجتمع أختصرته تلك الجملة الحوارية، وضاع بينهما الشعب المطحون، والغريب أن من أتحدث عنهم هم أما مجموعة من أهل الخبرة الذين من المفترض أن يمثلوا لنا في جيلنا الإعلامي قدوة نمشي على خطاهم، أو مجموعة من الأصدقاء الذين بدأنا وتعلمنا سويا، ونعلم كل مننا بدايات الآخر فلا يجهل بعضنا البعض، فلا هؤلاء القدوة تمكنوا من الحفاظ على مكانتهم لدينا، ولا الأصدقاء تمكنوا من عدم لفت أنظارنا نحن على الأقل تجاههم.

فالصراع الحالي في الإعلام بين هؤلاء لا يمكن أن يتعدى كونه صراعا حول (سبوبه)، لا تطعم فقط ولكنها تسمن وتغني ليسكن أصحابها القصور والفلل ويمتلكوا أفخم وأشهر الماركات سواء في الملابس أو العطور أو السيارات، وقليل منهم من يهتم لمصلحة تلك البلاد التي كادت تضيع على يد شرذمة من الحثالة كانت سعيدة وهي ترانا نصرخ، بل هناك الكثير أطلق فكرة التفكير في الهجرة قبل التكفير، فتلك الفترة العجيبة أطلقت علينا مجموعة من الإعلاميين الذين كفرونا في حينها وشعرا معهم بأننا نقيم في مجتمع ( اللالا لاند) لأنهم وعلى حين غرة تذكروا ضرورة وجود أهل الدين في برامجهم بحجة محاربة الإخوان بالتعريف عن الدين الصحيح، وهي بالأحرى كانت محاولة لضرب عصفورين بحجر، فإن سقط الإخوان تحولوا ليكونوا المحاربين الأوائل لهم وأنهم من الدين الصحيح تمكنوا من ايقاظ الشعب على حقيقة هؤلاء الحثالة، وإ لم يسقطوا فهم غير مضرورين أيضا فهم من يعلم الشعب ويبصرهم بحقيقة دينهم الإسلامي الحنيف، وفي الحقيقة هم لا يحموا سوا مصالحهم (السبوبة).

حقيقة لا أفهم سر الهجوم الذي بدأ منذ فترة في الإعلام على سيادة الرئيس، ولا يأتي تعجبي هذا لكوني من المؤيدين له، فكنت عند الإنتخابات الرئاسية واحدة ممن نالوا الكثير من السباب بل قاطعني البعض لترشيحي لحمدين صباحي على حساب الرئيس السيسي، وكان في قناعتي أن أندم على عدم ترشيحي له أفضل كثيرا من أعض أصابعي ندما على اختياري له، كما فعل كثيرون حينما ذهبوا لترشيح ذاك النقطة السوداء في تاريخ الرئاسة المصرية محمد مرسي على حساب الفريق أحمد شفيق بحجة أننا لن نعيد لسدة الرئاسة واحدا من الفلول الذين قمنا بالثورة للقضاء عليهم، وكان انتخابي لصباحي أيضا أفضل كثيرا من الامتناع عن الادلاء بصوتي أو ابطاله فهو حق من حقوقي الذي سعيت له، بل كان أشبه بالمهمة الصعبة نتيجة للعقبات التي شاهدناها من القائمين عن السفارة والسفير في الكويت والتي سيأتي يوما ما لأحكي عما نعانيه منهم، فباختصار لست منن تلك المطبلتية للرئيس ولن أكون يوما، فما يهمني منه أن يقوم بعمله فقط، وكان الأهم في نظري في بداية توليه للحكم هو استعادة هيبة ومكانة مصر في الخارج، التي ضاعت وتمسخرت على يد ذاك الأراجوز وعصابته، فلا أحد يشعر بهذه القيمة والمعاناة سوى من يقيم خارج مصر، فلا أحد يعلم مدى الاستهزاء بالمصري في تلك المرحلة التعيسة، وخاصة بعد ذاك الاستقبال ب(كيس) الخضار من قبل أثيوبيا سوى المصري المقيم في الخارج.

 فبعد تلك الهيبة والاحتفالات التي كانت تقام للرئيس السابق محمد حسني مبارك، واسمحوا لي بعدم استخدام ألفاظ المعزول ولا المخلوع ولا المنزوع ولا أي من تلك التشبيهات فهو رضينا أم أبينا كان رئيسا لمصر في يوم من الأيام، كما محمد مرسي الذي رفضت كثير من الدول ومنها دول الخليج استقباله وإن اضطروا فكان يذهب له أحد وزراءها ليصحبه من المطار لمقر إقامته، فضاعت هيبتنا، وأصبحت كلمة (مصري) في بعض الأوقات تستخدم كوسيلة للاستهزاء منا المصريين في دول الاغتراب، وكنت احزن كثيرا وأتذكر تلك الصورة للاستقبال الذي كانوا يقيمونه خالاتي لوالدتي حين وصولنا في إجازتنا السنوية عند باب المنزل فكانوا يصطفوا على الأجناب مستقبلين لها بالزهور وفي صيغة لمدى أهمية وصولها يقولون (حسني جي) فكان هذا لقب والدتي لدى أخوتها للدلالة على مدى الاهتمام والهيبة، وهذا ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه الحكم وحتى الآن، أنه استعاد تلك المكانه والأهمية والدور الذي كادت تفقده مصر طوال الأربع سنوات العجاف التي مرت علينا، وهي مهمة لم تكن سهلة أبدا خاصة عندما نجد أن رجل الشارع البسيط من قرائته للأحداث يعلم بأن مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي كانت تمارسه ومازلت وتحاول جاهدة تطبيقه أمريكا، كان يهدف لإبادة مصر من شرقها الأوسطي وخلق دولة جديدة لإسرائيل.

 نعلم بأن ما يقوم به الرئيس السيسي ليس بالسهل ولن ينتهي أبدا، والتفكير في محاسبته حول الأوضاع الداخلية المتعلقة بتأمين معيشة الأفراد هو المزاح بعينه، فالحكومة التي يمثلها رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب هي من يجب أن تحاسب على أدائها، وإن كنت ارى بأنهم يحاولون جاهدين بذل المستحيل لتأمين معيشة الأفراد، لكن يا من نصبتم أنفسكم مدافعين عن حقوق الغلابة والمطحونين، وفي الحقيقة أنكم تتاجرون بآلامهم لزيادة أرصدة حساباتكم والانتقال بأنفسكم لمستويات أعلى، هل سألتم أنفسكم لماذا لا ينجح أي من الوزراء أو المحافظين في تأدية مهامه المنوط بها؟ إن بحثتم عن الإجابة فستجدوا أنكم السبب في هذا.

نعم أنتم يا من تتصارعون على البقاء أمام وخلف الكاميرات غير عابئين بهموم الأفراد بل تتاجرون بها للحفاظ على (السبوبة) وبحجة أنكم تساعدون أبناء مجتمعكم غير عابئين بالمردود الذي يأتيكم أو تأكدون أنه لا يأتيكم من التهليل والصراخ والاستهزاء على الهواء مباشرة من المسؤولين والوزراء، بل غضبتم كثيرا من بعض ممن غيروا جلدهم لعدم رضاهم عما يحدث في الصورة، وقمتم باتهامهم بالجبن وعدم القدرة على المواجهة، بل في بعض الإحيان قلتم عنهم أنهم أفلسوا إعلاميا وظهر فراغهم، لمجرد أنهم إحترموا مشوارهم ومصداقيتهم لدى الجمهور، ورفضوا التلون الذي تقومون به، وهنا أحيي منى الشاذلي التي كانت أذكى من الوقوع في الفخ، وتركت عنها أوساخ السياسة لتعرض هموم وإنجازات شعب مصر، لتكسب احترام جمهورها وتحافظ عليه وعلى مصداقيتها لديهم، تلك التي فقدتوها بممارساتكم التي أظهرت مدى خوائكم الضميري وليس الثقافي، فلا أحد يمكنه منافستكم على التشدق أمام الكاميرات أو في المؤتمرات بأعقد الكلمات التي توحي لمن يسمعها للوهلة الأولى بأنه أمام عقلية لوذعية جبارة، فتفقدك التركيز وأحيانا تفقدك الاتزان وثقتك في قدراتك، فكيف لي أن أنافس أمام تلك الفلسفة العقيمة وليست العميقة.

ولكني أشكر لكم غباؤكم الذي مارستموه هذه الأيام في خفض نبراتكم والتحول المفاجيء فيما تقدمونه من محاسبة شديدة اللهجة للوزراء امتدت لتصل حد الوقاحة، بل وتطاول بعضكم فيها ليحاسب الرئيس، إلى لغة الوداعة والطبطة على المسؤولين، حتى أن هناك منكم من استقبل فرق غنائية وفنانين، لتأكدوا لي أن أيا منكم لا يصلح ليكون قدوة لأي من الشباب الإعلامي الجديد، الذي مازال يؤمن بدور الإعلام الحقيقي في عرض وحل هموم أهله ومشكلاتهم، الذي لم يتلون وعرف طريقه ولم يحد عنه يوما، ليس الذي يلعب ويتاجر بهمومهم بغية الصعود على هؤلاء القدوة وأخذ أماكنهم في يوم من الأيام.
—————–
كاتبة المقال صحفية مصرية مقيمة بالكويت

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 10644 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.