الخميس , 2 مايو 2024

خلود أبوالمجد تكتب: قاعة انتظار قاهرتي التي أحب

= 1455

Kholod Abulmagd 2


تتضارب مشاعرنا حينما نتواجد في قاعة انتظار المطار، اما لاستقبال أحباء او لوداعهم على أمل اللقاء، فمجرد التواجد ورؤية تلك اللهفة في وجوه وقلوب المستقبلين لتجد دموعك تنهمر وتتساءل كيف سيكون دورك في اللقاء؟

وفي الوداع لا تتوقف الدموع ايضا عن الانهمار، حتى تشعر وكأن مجرى نهر تدفق فجأة فلا ينقطع ولا ينضب، ففي اللقاء والوداع مشاعر لا تترجم.

واليوم أجلس في المطار انتظارا لحبيب باعدت بيني وبينه الأيام لبرهة، لكنه لم يفارق قلبي قط، تقفز في رأسي ذكريات جمعتنا سويا، تجعلني ابتسم تارة وتدمع عيني تارة أخرى.

بالفعل غريبة تلك المشاعر التي تتقاذفنا وتتحكم بِنَا وتجعلنا نتفاعل مع أشخاص نراهم في مطارات العالم المختلفة، تودع وتستقبل، فنعيش ونتعايش مع قصصهم التي نتخيلها بحسب المشهد المتجسد أمامنا في هذه اللحظات، تماماً كما نعيش داخل اغنيات نحفظها ونسمعها كثيرا، وفي احيان كثيره قد لا تمثل قصصنا ولكن مخيلتنا هي التي جسدتها بكلمات شاعر تمكن من إيصال احساسه لملايين المستمعين.

تصادف هذا الأسبوع ان أعيش هذه المشاعر أياما كثيرة، فبين حفل مارسيل خليفه الذي استمتعت فيه بأغنيته الشهيرة "أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي" التي أبكتني وأبكت كثيرا من الحضور، وأمي التي يقصدها خليفه هي وطني وموطني، قاهرتي قاهرة المعز الجميلة التي اشتاق لها ولكل ما فيها، تلك المدينة التي لا تنام، والتي حاول الكثيرون جعلها تخلد للنوم مبكرا إلا أن إرادة أبنائها أبت أن تتغير ملامحها، لتستيقظ من نومها المبكر وتعود من جديد لتضج وتغمرها الفرحه وتغني "عدى النهار".

عدى النهار والمغربية جاية تتخفى ورا ضهر الشجر وعشان نتوه في السكة شالت من ليالينا القمر….ابداً بلدنا ليل نهار بتحب موال النهار.. لما يعدي في الدروب ويغني قدام كل باب، كلمات الخال شاعر مصر عبد الرحمن الابنودي، الذي رحلت روحه لبارئها لتظل كلماته واغنياته ترن في الآذان وتحكي مصر، نصول ونجول في أغنياته كلها حتى العاطفية التي يتحدث فيها عن حبيبته فنجدها أيضاً تحكي عن مصر الأبية مصر العصية التي لا يهزمها أحد، فهي محروسة بأمر من رب العالمين.

هكذا وجدت نفسي أمام تلك المشاعر التي استحوذتني في حفل مارسيل خليفة تتمكلني مرة أخرى بوفاة الخال لأتذكر جدي الذي أحببته كثيراً وكيف لي ألا أحبه وكنت أول أحفاده التي تحظى بكل الدلع والدلال، فخاف الجميع إبلاغي بوفاته وأنا في الغربة حتى لا اتعرض للصدمة، ليخبروني بعد وفاته بست شهور فتصبح الصدمة أكبر بإحساسي لفقدان الحضن الدافئ الذي أشعرني دائما بوجودي (وغلاوتي)، هكذا كان مثل رحيل الخال في نظري، فمصر فقدت من أشعرنا بغلاوتها في قلوبنا.

لتأتي نهاية الاسبوع، فتجعلني اختبر تلك المشاعر من جديد، بأسلوب وإحساس مختلف يصحبة ذاك الترقب ممزوجا باللهفة لرؤية مصر واستنشاق هواها، وبقلب يملؤه الحنين لها، فهذا الحبيب الذي انتظره هو مصر التي أهواها، قاهرتي التي أحب، التي غابت عني لسنين طويلة غضبا عليها وليس منها، لتعود لي من جديد بحب أعمق وأكبر، أسرني فعدت لا أقوى على الفراق.

———–
صحفية مصرية مقيمة بالكويت.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 10480 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.