حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
أقل ما يمكن وصفه بما شاهدته في محراب الفن والثقافة "دار الأوبرا المصرية " بأنه كان مهزلة .. الفضيحة كانت يوم الخميس 19مايو بقاعة سينما الحضارة في حفل "منتدى فضفضة" النصف شهري للشاعر جلال عابدين الذي اعتلى منصة المنتدى برفقة كلًا من الشاعرين محمود حسن ومحمد جاويش ..
مر الوقت وكل شاعر يعتلى المنصة يقدم إما صديق له ويتغزل في أشعاره ثم يدخلان في مبارزة شعرية يصعب على أمثالي من أصحاب المواهب المتواضعة أن يفهم ما يقولون .. أو يقدم عدد من الجهابذة أحد تلاميذهم الذين لا ينقطعون عن التصفيق الحاد لهم ..
وفجأة قدم الشاعر جلال عابدين فتاة أطلق عليها مطربة واعدة ولكن يبدو أنها مثل سابقيها من الذين نالوا حظهم بالصعود للمنصة بمجاملة واضحة من المسؤول عن تنظيم المنتدى .. للأسف كان صوتها سيء جدا وزاد الطين بلة اختيارها أغنية لكوكب الشرق أم كلثوم وانتهت من فقرتها التي امتدت لدقائق وسط همهمة الحاضرين بكلمات تؤكد أن الدفع بهذه المطرية و في هذا اللقاء الثقافي ينطوي على أسباب لا يمكن أن يفسرها إلا مسؤولي الفقرات.
حضرت خصيصا للاستماع لموهبة شعرية واعدة أشاد بها القاصي والداني وأصدرت ديوانا شعريا وطنيا في معرض الكتاب الأخير باسم "بحبك يابهية" .. كانت الشاعرة أسماء فريد ابنة بلدتي كفر صقر بمحافظة الشرقية تنتظر دورها كما أخبرتها اللجنة المنظمة لكن تسرب اليأس إلى نفسي بعد أن قاربت فقرات المنتدى على النهاية ..
توجهت لشخص يدعى نشأت قيل أنه شاعر غنائي وكان مسؤولا عن تسجيل اسماء الحضور .. استفسرت منه عدم صعود الشاعرة أسماء للمنصة فإذا به يكشف لي "فضيحة" تؤكد أنه الموهبة الأدبية الحقيقة لن تحصل على فرصتها مادامت المناسبات واللقاءات الشعرية والأدبية بـ" الواسطة" .. قال لي الشاعر المبجل أن كل من على المنصة "معاه حبايبه ولازم يعمل معاهم واجب" ..
حينها لم اتمالك أعصابي فقلت له كيف تدعون شعراء من المحافظات ويقطعون المسافات الطويلة وفي النهاية "انتوا مظبطين كله حاجة مع بعضكم" وعندما قلت له أن ما يحدث غير حيادي ويفتقد الموضوعية هم لطردي على اعتبار أنني في "بيت الست الوالدة " ونسى أننا في دار الأوبرا "بيت الثقافة" لكل مصري وليس "تكية" ورثها عن السيد الوالد ..
بالطبع لم أسكت له ووضعته في حجمه الطبيعي وسط حالة من الصخب واستياء عدد كبير من الحاضرين من الشعراء الذين تم تجاهلهم عن عمد ..
بدون شك أن أمثال نشأت ومن على شاكلته يتمادى في تجاوزه ويتوهم أن دار الأوبرا مستباحة له ولغيره مادامت وزارة الثقافة تترك "الحبل على الغارب" لكل من هب ودب وتشارك في جريمة قتل المواهب .. وما حدث في "منتدى فضفضة" بمثابة بلاغ لوزير الثقافة حلمي النمنم واتمنى أن يحول الواقعة للتحقيق ..
سيدي الوزير .. الثقافة ليست ارتداء البدل "الأسموكن" ولا الكرافتات "الشيك" .. ولا حضور مهرجانات للنخب التي حصلت على حظوظها على مدار سنوات ..
راجع ياسيدي ما يحدث من تقصير بحق شباب هذا الوطن .. بالطبع المشاكل أكبر من أن أحصرها في هذه المساحة لكن منها على سبيل المثال ما شاهدته بعيني فهل يعقل أن يتم تخصيص شقة في عمارة آيلة للسقوط لاستضافة مكتبة كفر صقر بمحافظة الشرقية والتي تخدم أيضا أبناء مركز أولاد صقر وفي الوقت الذي لايوجد فيه قصر أو بيت ثقافة لمدينة كفر صقر العريقة يوجد بمدينة أبو كبير المجاورة لها قصر للثقافة وقريبا سيكون بها قصر لثقافة الطفل .. لماذا هذه التفرقة ؟
هل أيضا تثقيف أبناءنا وشغل أوقات فراغهم في القراءة والأنشطة الثقافية يحتاج إلى "واسطة" ..!؟
