السبت , 4 مايو 2024

“جهاز زينب”…قصة قصيرة بقلم د. محمد محيي الدين أبو بيه

= 3813

تبقت الأجهزة الكهربائية حتي يكتمل جهاز زينب ويتحدد ميعاد عُرسها…
…خلاص هانت يا بنتي فلوس الأجهزة هاتحصل عليها النهارده
…صحيح يا بابا
…ان شاء الله…المقاولة اللي اتفقت عليها هاتخلص النهاردة والراجل هايعطيني كل الحساب
إحتضنته زينب وقبلت رأسه
الأستاذ عبد الكريم مدرس ابتدائي وصل لمنصب وكيل مدرسة بعد عمر كافح فيه مابين عمله في التدريس وعمله الآخر في مهنة ..المحارة والنقاشة…فهو لا يهوي إعطاء الدروس الخصوصية ويعتبرها نوعا من الإنتهازية وسلب لما في جيوب الآخرين دون وجه حق لذا ظل في مهنته التي اكتسبها من أيام شبابه قبل تعيينه في سلك التعليم
: منذ سنوات ألحت زوجته علي أن يفعل مثل أقرانه الذين يلعبون بالفلوس من وراء الدروس الخصوصية…وتحت هذا الضغط وقلة الراتب ووجود بعض الركود في أعمال البناء ومايتبعها..اضطر أن ينخرط في هذا الطريق ونجح وأخذت الأمور تتحسن معه إلا أنه وبعد أول شهر كان يرقد بالمستشفي ويصرف كل ما جناه حيث صدمته سيارة وهو يعبر الطريق إلي بيت أحد الطلبة الذين يعطيهم الدروس بمنازلهم…وحينها أحس أنها إشارة بعدم الإستمرار فيما بدأه من إعطاء الدروس الخصوصية فهو الآن طريح الفراش لايقدر علي الشرح وأيضا لن يقدر علي أعمال المحارة..وهكذا يعيش بمرتبه الضئيل الذي لن يسد رمق الأفواه المفتوحة بالبيت ..
لذا قرر أن يظل علي حالته الأولي مدرساً أول النهار ومعلم محارة بعد الظهيرة
زينب وجهها يلتمع كمثل ضياء القمر وعيناها السودوان شعاع الأمل يبرق منهما وقد إزدان يومها بقشيب ثياب الأفراح بعد كلام أبيها ووعده الذي سينهي كل معوقات تعرقل سعادتها ولم شملها مع عريسها المنتظر
عبدالكربم انطلق ويداه الخشنة ترقص في انتظار آخر النهار الذي فيه تنقشع غمامات همومه وتصفو دنياه بنهاية سعيدة لآخر بناته …
غادرت الشمس سماء البلدة..ومعها اقترب ميعاد حصول عبدالكريم علي مستحقاته
هناك زينب وأمها ينتظران حتي يقوما بالذهاب إلي السوق لشراء ماتبقي من جهازها…
رن الهاتف الجوال…
وبعد ما ردت زينب
صرخت…وهرعت إلي المكان الذي وصفه لها المتصل
وجدت زحام من أُناس عادية وشرطة ورجال إطفاء
فالمبني الذي يعمل به عبدالكريم قد انهار حيث أن صاحبه ترك ضميره وتعانق مع الطمع ومن ثم زين له شيطانه أن يزيد الطوابق طابقين آخرين مخالفا لشروط البناء فلم تتحمل الأساسات واستوي المبني علي الأرض…
بعد البحث وجدت زينب أبيها وقد تم تغطية جثته بأوراق جرائد..
وقبل أن ترفعها من عليه لمحت خبرين فزاد صراخها وعويلها..
الخبرالأول…المدرس أعلي دخلاً في أمريكا واليابان
الخبر الثاني مع صورة النجم المصري الكروي الكبير وخبر انتقاله براتب مليون جنيه استرليني في الأسبوع.

شاهد أيضاً

وفاء أنور تكتب: حكاية العم “رجب”

عدد المشاهدات = 6660 أبطأت خطواتنا وهدأت من سرعتها اضطرارًا، اضطربت حركة أقدامنا المثقلة متأثرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.