الإثنين , 29 أبريل 2024

تهى سعيد العَبْرِيّ تكتب: راقب ثمرتك في رعاية أسرتك

= 1769

Toha Said - Copy


مبروك لقد أصبحتَ أبًا، مبروك لقد أصبحتِ أمًا. هي عبارات فرح وابتهاج تمتلك الأبوين عند احتضان أول مولود لهما في مشوار حياتهما، هذه العبارات القصيرة والجميلة تحمل في طيّاتها طِنٌ من المسؤوليات لهذا المولود الذي أبصر النور على هذه الدنيا. يكبر الطفل وتبدأ أنتَ تُراقب حركاته ولعبه وصوته وكيف ينمو سنة تلوَ سنة، وتبدأ تكتشف المواهب والإبداع فيه، وقد تكتشف أشياء أخرى مع مرور الوقت لم تكن في الحسبان، أشياء تحتاج لوقفة صارمة لاتخاذ القرار الصحيح بعد البحث عن الأسباب التي أدت إلى ظهورها.

إن الطريقة التي ينتهجها الوالدان في تربية أبنائهما لها دور كبير في تكوين شخصياتهم، فالطفولة تعتبر حجر أساس لبناء الشخصية للمستقبل، وأساليب التربية التي تخالطها القسوة والعنف تنشئ جيل قد خالطه الخوف وعدم الأمان وهذا يُسبب له اضطرابات نفسية في حياته الاجتماعية. فقد يتولّد تغيّر سلوكي في الطفل وتُلاحظه سواء في بيئته الداخلية مع أسرته أو بيئته الخارجية مع المجتمع. وقد يلجا الوالدان إلى استشارة نفسية خوفاً واطمئنانا على ابنهم ومعرفة تاريخ الحالة وأسبابها ليتم معالجتها.

الخجل هو أول المشكلات التي قد تجتاح الطفل في فئته العمرية 2-3 سنوات والتي ترى فيها الطفل متردداً وخائفاً وليس لديه ثقة بنفسه وتسمع صوته خافتاً عندما يسأله شخص غريب، إن هذا الطفل يعاني من الشعور بالنقص وليس لديه القدرة على التفاعل مع زملائه ولا حتى الكبار. وتُعزى هذه المشكلة لعدة أسباب منها فقدان الشعور بالأمن والطمأنينة فتراه قلقاً وخائفاً من المشاركة أو ادلاء رأيه خوفاً من الانتقاد ، كذلك عدم خلْق الاستقلالية داخل نفسية الطفل من خلال إعطائه فرصة لاختيار لبسه ولونه او التحدث عن نفسه مع من يخالطهم بل يقوم الأب بالإجابة عنه بحكم أنه يحب الصمت وعدم المشاركة. ويمكن معالجة الخجل بعدة طرق منها بناء ثقة الطفل عن طريق ذكر مواقف نجاحه واجتهاده وابداعه وتحفيزه ، أيضاً تشجيع الطفل على التعبير عن نفسه من خلال مصارحتهم لوالديهم عن رغباتهم وما يحتاجونه من مستلزمات من غير خجل أو خوف من رفض الآباء لطلباتهم ، أيضاً حثّ الابن على ممارسة هواياته التي يحبها وتهيئة البيئة الداخلية بكل السبل التي تتيح له التعبير والممارسة والابداع حتى يكسر الحدود بينه وبين والديه وينبع داخله حب وثقة بما أنجز وعمل.

أيضاً كثيرٌ منا قد يلحظ بعض الاطفال ولديهم فرط حركة زائدة، هذه الحركة تشتت التركيز والانتباه وقد تدفع لأعمال فيها من الخطورة ما لا تُحمد عقباها، فالطفل بحاجة إلى تنوع وتغيير في ألعابه فهو عندما يملّها يحاول أن يُلهي نفسه بأي شيء قد يُغضب والديه أو يزعجهم. وقد أثبتت دراسات أن هذه الحركة الزائدة تنتشر في الذكور أكثر منها في الاناث، وقد دلّت على أن ما يزيد عن 30% قد يستمروا على هذا النحو حتى عندما يصبح شاباً. وعلى الوالدين عدم الصراخ عليهم أو عقابهم فإن هذا يزيد من عامل العناد ويؤدي إلى زيادة الموقف وليس الحد منه.

عندما يبدأ الطفل بالكلام والتعبير لوالديه قد تلحظ أنه يختلق أشياء غير صحيحة، وقد تكون هذا الأشياء إما خيالاً لسعة مجال التفكير عنده أو تحريفاً لموقف ما خاف الاعتراف فيه لأسباب شخصية ونفسية لديه، فالكذب سلوك مكتسب من البيئة والمجتمع ، "فقد أثبتت الدراسات حوالي 70% من الأطفال الذين يكذبون  يرجع إلى خوفهم من العقاب ، و10% منهم يرجع لأحلام اليقظة والخيال و10% إلى اغراض الغش والخداع". وكلما استخدم الآباء اسلوب العنف والقسوة للطفل حتى يتكلم الصدق كلما لجأ إلى الكذب عليهم  وتعتبر الفئة العمرية من 3-6 سنوات مرحلة غير مقلقة لكذبهم لأنهم ما زالوا في مرحلة الخيال وعدم قدرتهم التمييز بين الحقيقة الخيال.

وهناك طرق عدة يستخدم فيها الطفل الكذب فتراه يكذب كيداً حتى يوقع المشاكل لمن حوله، وتراه يكذب ليدفع عن نفسه عقوبةً ما ، وتراه يكذب بطريقة حتى ينال إعجاب وجذب الناس ومن يرونه. وهنا يظهر الأبويْن القدوة الحسنة في السلوك حتى يتفادوا هذه العادة أو السلوك عن اطفالهم وكذلك عليهم تعزيز ثقة الطفل بنفسه وعدم شعوره بالنقص ويلجأ للكذب، أيضا بإمكانهم أن يحكوا لهم قصصاً نهايتها عِبرة عن الكذب وهكذا وكذلك البُعد عن السخرية  من الطفل وتحقيره لأي سبب لو كان بسيطاً.

وأخيراً قضم الأظافر لدى الاطفال، فهذه مشكلة شائعة عند البعض ويعزى السبب إلى القلق والتوتر والعصبية، وقد يرافق هذا السلوك للطفل حتى بلوغه العشرين عاماً عند البعض رغم إن هذا يسبب تشوّه في شكل الأظافر ومنظرها.

ويختلف القلق والتوتر الذي يمر به الطفل وفقاً لنوعه فقد يكون توتر بينه وبين أحد والديه، بينه وبين أحد زملائه، تغيير في نمط الحياة كانتقاله من مرحلة الرضاعة إلى فطامه وخروجه للمجتمع والبيئة الخارجية، وقد يكون انتقاله لبداية مشواره في المدرسة أو الحضانة وهكذا. أيضاً قد يلجأ الطفل لقضم أظافره لتفريغ شحنات تولّدت بفعل سخط الوالدين له أو أنهم يتوقعون منه أن ينجز فوق امكانياته فيخشى أن يخذلهم ولا يحقق ما يطمحون به منه.

ولتفادي هذا السلوك على الوالدين عليهم أن يُبعدا كل ما يثير داخله التوتر والقلق  من خلال الراحة والاسترخاء وأخذه لنزهات ترفيهية لشاطئ البحر أو الحديقة حتى يُفرغ شحناته هناك وتتغيّر نفسيته للإيجاب. أيضاً شغل الطفل بأعمال تنسيه هذه العادة من خلال عمل أنشطة متنوعة وألعاب مسلية مثل اللعب بالطين أو على رمال البحر أو تلوين رسمة معينة ويحدد انجاز العمل بوقت معين مقابل تخصيص مكافآت مادية أو معنوية تشجيعاً على المواظبة لعدم قضم الأظافر.

إن الخبّاز عندما يصنع العجينة يتفنن في صنعها وتشكيلها، فترى الخبز بأنواعه وترى الكعك بألوانه، لأنه يسعد عندما يرى ما أنتج وقد جذب كل الزبائن له لشرائه والاستمتاع به، كذلك ابنك هو مثل العجينة أنت من يُشكّلها ويخبزها بالطريقة التي ترغب أن ترى فيها حلاوته وكيف أبهرك بعطائه، فكن صبوراً في تربيته، ومتيقنا لرغباته، وناصحاً وصديقا لكل سلوك قد يتطفل حياتكم، فهو أمانة وجوهرة يجب الحفاظ عليها.
 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 7998 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.