من زمن غير بعيدٍ
كنا تلامبذاً صغاراً..
في مدرسة الجيل
سألتنا معلمة الرسم..
يوماً..
أن نرسم الوطن
فرسمنا علماً بثلاثة..
ألوان
لم ندر كنه اللون
و ظللنا بالازرق النيل
و لم. نسبر غور..
الكون
وجاء درس العربية
فسألتنا معلمة اللغة..
أن نكتب في حب..
الوطن
فنقشنا حروفاً مرتعشةً ..
باهتة النبض
و كلماتٍ مائلةٍ …
تائهةٍ …
في عمق الزمنِ
نقشنا ..و نقشنا
تزاحمت في أعيننا الصغيرة..
خطوطَ السطر ..
فزاغ بريقها
و معها..
غرقت في التيه …
بصائرنا
دقّ الجرسُ
إنتفضت بالايقاع جوارحنا
ورنين الحناجر بالتهليل…
يعلوه
وجدتني…
في زخم البراءةِ ..
أقبضُ بغض الاصابع ..
حقيبتي
يعييني الثقلَ و فحواه
هرعتُ إلي الامِ
و العالم سراب…
يطوقني
و الحيرةُ نقش علي…
شفتي
سألتها…
وأنا في إحتواء الحضنِ :
أُمي…
ما سرُ العلمِ ؟!
ما معني الوطنِ ؟!
صمتت…
وأنين العين بالدمعِ ..
تجهرُ
و راحةُ اليدِ علي رأسي..
لشتات الكلم..
تلملمُ
آه من زمنٍ …
أمسي فيه الحرفُ ..
مقصلةً
و الموت بسنِ الرمح..
أهونُ
لا تجزعي طفلتي..
أنيٌ لك إدراك الوجودِ ..
و العدمِ
فأنت إبنةُ هزيمةٍ ..
وصمتِّ بها..
بلا جرمِ .
إنّ الوطن صغيرتي
بلا حدٍ
بلا منتهي هو حضن
الأمِّ .