الجمعة , 3 مايو 2024

“إلي أن نلتقي مجدداً”…قصة قصيرة بقلم مي سامح

= 2243

 

في صباحِ كل يوم تنظر لنفسِك في المرآة، لا تعلم ماذا حدث لوجهِك الطفوليّ لا مكان للبراءةِ و السذاجة!

و لكن هناك دائماً مكان للحبوب المزعجة، هناك دائماً مكان للنتوءات التي حُفرت علي وجهك لتُذكرك بحوادثِ الطفولة لتبتسم و تتألم، في آنٍ واحد، تلك الزيادات التي تريد أن تتخلص منها و يصبح وجهك صافياً كالماضي و لكن أين الصفاء وذهنك لا يسمح لك بذلك؟!

تُعيد النظرَ مرةً آخري فتصطدم بالهالاتِ السوداء التي التهمت تحت عينيكَ تلمسها بيدك لتدرك أنها اصبَحت كرفيق الرحلة الذي ترعبهُ فكرة أن يصبح وحيداً ف يخطو معك كل خطوةٍ يأبي الرحيل ف أنت رفيقٌ رائع، إنه كالناموس الذي يمتصْ دمك ف ينمو و ينمو و الفضل لك أنت من تركته يتغذي عليك دون أن تقتله! تحاول جاهداً أن تُخفي كل الهالات التي تغذتْ علي وجهك مؤخراً و لكن تفشل، اتعلم ما المشكلة؟ أنك تأخذ كل شئ يحدث حولك و تُخزنه بداخلك لعل و عسي يُفني وحده مع الأيام، هل تعتقد أن هذه هي الطريقة الصحيحة؟

جسدك يا عزيزي له ردة فعل مختلفة تماماً، اَعلم أنك لا تستطيع الخروج عن السياق ف أنت هادئ للحدْ الذي يعتقد البعض أنك كالثلج الذي لا يتأثر بأي درجة حرارة، لا يعلم أحد ما يحدث بداخل ذاك الكيان البارد الصلب من الخارج و ذاك الصخب و الضجيج الذي لا يتوقف، مُجهد لا تستطيع شرح ما يجول في عقلكِ للآخرين، لا تجد حتي ما تُفسره بينك و بين نفسك، حروفٌ مبعثرةٌ في أحجيةٍ صعبةٍ تحاول بكل قوةٍ أن تدفع ذكائك لحلِها لعلها تعيد ترتيب رأسك المضطرب و لكنك علي وشك الإستسلام.

تفتقد نفسك القديمة التي كانت لا تبالي شيئاً، يتساقط شعرك عند فَركه و لا ينتظر تمشيطه حتي، تنظر مجدداً ف تجد شعرةً بيضاء لا تدري هل هي وراثة أم عوامل الزمن!

و في المساء يخلُد الجميع للنوم إلا قلب المُشتاق ف ربما يشتاق لحبيبٍ غائب، لصديقٍ لن يعود، لأخٍ بعيد ترك مكانه بارد كل ليلة، لأحباءٍ قد فارقوا الحياة، ربما اشتاق لقلمهِ الذي جفْ حِبره منذ زمن و لم تسعفه كتابات جديدة لتدوينها، أو ربما يشتاق لنفسهِ التي كانت تسعد بأقل الأشياء.

مع مرورِ الوقت سوف تجد التجاعيد تُرحب بمكانٍ جديد و لكن آن الآوان لتُفسح لهم الطريق بنفسٍ راضية آن الآوان لتختفي تلك الهالات و الحبوب، افسح لعجزِك الطريق، أن يظهر علي وجهك دون أن تعرقله بقايا عوامل الزمن، اسمح لنفسِك تحزن و يأخد الحُزن حقهِ و لكن اِعلَم أن الدنيا لا تدوم ولا شئ يبقي علي حالهِ لا بأس سوف تجدُك الراحة، سوف تستعيد بشرتُك نضارَتها مجدداً، فقط لا تقسو علي نفسِك وتمهل لن تحتاج حينها لعلاج، سوف يعود كل احباءك بجانبك ومن لم يعد ف قد افسح مجالاً لعوضٍ أجمل من اللّه عز و جل، اهتم بنفسك ف إنها أيامٌ شُداد و لن يبقي سوي جسدك الذي تُعذبه و تُرهقه كل ليلة بتفكيرٍ لن يُفيد، لا تهاب أي تجربةً جديدة، سلِم أمرك لله لعله يُداوي جرحك و يستعيد قلبك شعوره بالحياة، تذكر دوماً أنك جميل كما أنت لا تتغير من أجل أحدهم.

إلي نفسي و جسدي، لا اعلم متي، أين، كيف؟!!
و لكن
إلي أن نلتقي مجدداً.

شاهد أيضاً

“إجمع ما بقى من بقاياك”…بقلم نبيلة حسن عبد المقصود

عدد المشاهدات = 5318 حين يذهب الشغف في طيّات الفتور. ويستوي الأمران.من قربٍ وبعدٍ… حبٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.