الجمعة , 26 أبريل 2024

داليا جمال تكتب: ‎إحنا اللي بهرنا العالم

= 1504

في عام 2012 كنت في زيارة لبيروت.. وأذكر انني دفعت لليموزين 120 دولاراً.. مقابل أن يقلني من الفندق بشارع الحمراء إلي بيت الدين في جبل لبنان..ﻷري هذا المكان الأثري…كما أكد لي الاصدقاء هناك حتي لا تفوتني فرصة زيارة مغارتي جعيتا وكفرحيم.. وقصر يوسف..

وأذكر أنني كنت في غاية التشوق والانبهار وانا أستمع إلي روعة قصر يوسف، نتيجة كثرة القصص والحكايات التي سمعتها من أصدقائي أهل لبنان ومن العاملين في الفندق وحتي سائق التاكسي العجوز.. وكان لابد أن أدفع تذاكر دخول للمغارتين، وكذلك لقصر يوسف.. الذي هيأت نفسي تماما ليبهرني..

إلا أن المفاجأة الحقيقية التي ألجمتني أن هذا القصر الذي تسمع عنه قصصاً وحكايات.. ليس سوى بيت بالحجر بناه صاحبه بنفسه طوبة طوبة.. بيت عادي جدا… لا يمت للقصور بصلة..!! وخال من أي فخامة او عراقة إلا من تماثيل صغيرة يدوية الصنع صنعها السيد يوسف!!

الصدمة لم تكن في القصر ولا في قيمة التذاكر التي دفعتها بالدولار.. بقدر ما كانت من عدد طوابير الانتظار الطويلة التي تنتظر دورها للدخول.. تذكرت هذه القصة اليوم وأنا أقرأ وأرى هدم وكالة العنبريين الأثرية ذات الألف عام في شارع المعز بالجمالية، وقبلها عدد من القصور والوكالات الاثرية، بل والكارثة الأكبر نزع المنابر الأثرية من المساجد العريقة حتي لا تتعرض للسرقة!

وكأن وزارة الآثار لم تسمع عن اختراع اسمه كاميرات المراقبة.. وكأن آثارنا مكتوب عليها ألا تشرق وتزدهر إلا في متاحف دول أخري تعرف قيمتها فتضعها في متاحف وميادين تليق بها.. أما نحن.. فيكفينا أن نبحث عن كل ماهو قديم ورائع لنهدمه ونقيم مكانه ناطحات سحاب لا تستهوي سائحاً ولن يسعي أحد للبحث عنها..

وحقيقة لست أدري أي دراسة أثرية حظي بها السادة المسئولون عن آثار مصر العريقة ليعاملوها هكذا معاملة، ولا أدري أيضا نوع التعليم والوطنية التي مكنت المسئولين في دول أقل منا حضارة وتاريخا من خلق قيمة لما لا قيمة له، وكيف صنعوا حرفيا من الفسيخ شربات، وباعوا للعالم الهوا في زجاجات فاخرة!

‎صحيح أن المصريون زمان أبهروا العالم بحضارتهم.. ولكنهم اليوم يبهرون العالم… بالتفريط في تاريخهم.. وشتان بين الإبهارين.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 4514 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.