الجمعة , 26 أبريل 2024

عادل عبدالستار يكتب: القدر المٌتكلم ..!

= 3510

هل سألت نفسك يوما من هو سيدنا الخضر عليه السلام؟.. هل هو نبى ام ولى ام عالم أم ماذا؟…هل انتابتك الدهشة من هذا الذى جعله الله اكثر علماً وحكمة ورحمة من نبى مٌرسل؟!

هل سألت نفسك يوماً لماذا هذا الاصرار الشديد من سيدنا موسى لمقابلة سيدنا الخضر مهما لاقى هذا من تعب وعناء ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبً ) …. ولماذا كٌتب لسيدنا موسى دون باقى الانبياء ان يقابل سيدنا الخضر ؟

هل لانه اكثر الرسل قٌرباً من الطبيعة البشرية وما يعتريها من ضعف وغضب والقتل الخطأ والتلعثم والاسئله الفلسفية ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ) … ربما …. ولكن الاكيد ان تلك القصة تختلف تماما عن كل القصص …. لانها ترتبط بعلم ليس كعلمنا المبنى على الاسباب .. ولا علم الانبياء المبنى على الوحى … إنما نحن امام علم غامض اشد الغموض … علم القدر الاعلى … علم اسدلت عليه الاسدال الكثيفة كما اسدلت تماماً على مكان اللقاء ووقته وحتى الاسم (عبداً من عبادنا ) هذا اللقاء الاستثنائى جدا كآنه وٌجد ليٌجيب على اصعب سؤال يدور فى النفس البشرية منذ خلق الله أدم والى ان يرث الله الارض ومن عليها:

لماذا خلق الله الشر؟ لماذا خلق الله المرض و الفقر؟ لماذا تموت الاطفال البريئة جوعاً؟ لماذا تٌسجن الناس ظلماً؟ لماذا كل تلك الحروب؟ ببساطة يٌجيب على سؤال …كيف يعمل القدر؟

والبعض يذهب الى انه قد يكون جاء الخضر تجسيداً….للقدر المتكلم … ليٌجيب على كيف يعمل القدر؟ لعله يرشدنا.

قال الرسول البشر .. “هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا “؟… فيرد القدر …. “إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا … وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا” …. وكآنه يريد أن يقول أن فهم اقدار الله فوق قدرة العقل البشرى …. فيقول موسى بكل فضول البشر … “سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا”…. فيرد القدر المٌتكلم …. “فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرً” …. وهنا تبدأ أهم أهم رحلة … الرحلة التى ستُجيب على السؤال الاهم والاصعب فى نفوس كل البشر …. كيف يعمل القدر ؟

يركبا مركب المساكين … يخرق الخضر القارب … تخيل ايها القارئ الكريم … كم المعناه التى عاشها هؤلاء المساكين … معناه ..خوف ..رعب ..ألم ..تضرع .. كل هذا جعل موسى البشرى يقول … “أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا” …. عتاب للقدر كما نفعل تماما … يارب لماذا منعت عنى الذرية؟ لماذا جعلتنى مريضا؟ لماذا جعلتنى فقيرا؟ …الخ …. “أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا”… كآنه يقول ألم اقل لك أنك اقل من أن تفهم الاقدار …
ثم يمضيا بعد تعهد من موسى انه لن يعصى له أمر …. فيقوم العبد الصالح الذى وصفه الله بالرحمة قبل العلم بقتل الغلام … مما دفع موسى للغضب السؤال مرة اخرى وبإندهاش اكبر …”قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا”…. تحول الامر من إمْرًا الى نٌكْرًا …. فأنطلقا مرة اخرى بعد تعهد جديد من موسى … فوصلا الى القرية فيبنى الجدار ليحمى كنز اليتامى … فينفجر موسى سألاً … فيجيبه الخضر الذى سخره الله ليخبرنا … “قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا” … هنا تتجلى حكمة الله والتى لن نفهم بعضها حتى يوم القيامة….

ايها السادة …. الشر نسبى …ومفهومنا كبشر عن الشر قاصر …لان الصورة غير مكتملة بالنسبه لنا ..وهنا يجب ان نعرف جيدا أن القدر أنوع ثلاثة:

النوع الاول: شر تراه فتحسبه شرا وهو خير لك …فما رآه اصحاب المركب شراً أتضح انه منتهى الخير لهم … وكلا منا عنده عشرات الامثلة فى حياته عن هذا النوع …

النوع الثانى: شر تراه فتحسبه شرا وهو فى الحقيقه خير …ولكن لن يكشفه الله ابدا لك…فتعيش عمرك كله ولم تعرف انه خير …فلن تعرف أم الغلام ابدا ان قتله كان خيرا … كل ما تعرفه هو الالم والوجع والبكاء لموت ابنها.

النوع الثالث: شر يصرفه الله عنك دون ان تدرى … انه لطف الله الخفى … الخير الذى يسوقه الله اليك دون ان تعلم ولن تعلم … اخبرونى بالله عليكم …هل اليتيمين ابني الرجل الصالح كانا يعلمان ان الجدار سيهدم … طبعا لا …هل كانا يعلمان انه يوجد كنز تحت الجدار … قطعاً لا….هل كانا يعلمان ان الله ارسل نبيا والعبد الصالح لبناء الجدار لهم … قطعاً لا …. انه لطف الله الخفى …

وهنا نعود سويا الى كلمة الخضر …او كلمة القدر المٌتكلم …. إنك لن تستطيع معى صبرا … أنك ايها الانسان لن تستطيع ان تفهم اقدار الله …الصورة اكبر من عقلك …استعن بلطف الله الخفى لتصبر على اقدار الله …. ثق فى ربك …فإن قدرك كله خير.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 4135 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

3 تعليقات

  1. جزاك الله خير جزاء… بداعة
    فكرة فعلا تستحق النشر

    وصلتني عبر واتس اب دون ذكر اسم الكاتب
    والحمد لله بحث بسيط وجدت المقالة الاصلية
    الحمد لله
    بارك الله فيك و فتح عليك

  2. أخيرا وجدت كاتب المقالة الحقيقي…إبداع وفكر موزون ماشاء الله…

  3. السيد الهادي

    ماشاء الله مقال حقيقي ممتاز يا استاذ عادل بارك الله فيك وعلمك ما ينفعك وينفعك بماعلمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.