السبت , 27 أبريل 2024

سلطنة عمان أسست لنموذج فريد في تسوية ملفات الحدود

= 1821

Qaboos


القاهرة – حياتي اليوم

 لم تكن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية في منطقة بحر عُمان التي تبلغ نحو 450 کیلومتراً ، للوصول إلى تحديد خط الحدود البحرية الفاصل بين البلدين والتي تم توقيعها في العاصمة العُمانية مسقط امس الثلاثاء 26 مايو 2015، إلا تجسيداً وترجمة حقيقية لمبادئ الدبلوماسية العٌمانية التي ترتكز على مجموعة من المنطلقات والثوابت الراسخة التي تحدد سياستها الخارجية، فتعزيز التعاون وحسن الجوار واحترام سيادة الدول واستقلالها وحل الخلافات التي تنشأ بين الدول بالطرق السلمية هي ركائز أساسية تميز الدبلوماسية العٌمانية في تحركاتها الخارجية.

  لم يكن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين عٌمان وإيران هو الأول من نوعه، إذ قامت السياسة والدبلوماسية العمانية بالعمل على تسوية ملفات حدودها البرية والبحرية ـ بحكم امتداد وطول سواحلها ـ مع دول الجوار الجغرافي بالطرق والوسائل الدبلوماسية كمبدأ ثابت من مبادئها السياسية في التعامل مع الآخر.

  ففي يونيو من عام 2000 وقعت سلطنة عمان وباكستان إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينهما، إذ يبلغ طول الخط الفاصل بين البلدين في بحر عُمان 270 كيلومترا ويتضمن تسع نقاط لترسيم الحدود البحرية بينهما. .وقد عملت هذه الإتفاقية على حل الكثير من المشكلات التي كانت موجودة في الماضي والخاصة بمصائد الأسماك والثروات البحرية وأعطت الفرصة لإستغلال هذه الثروات.

  يذكر أن ترسيم الحدود البحرية يعني وضع الحدود بين منطقتين بحريتين متشاطئتين، وهذا التحديد عادة نتيجة لمفاوضات بين الدول المعنيّة، تخضع لأنظمة القانون الدوليّ للبحار (حسب اتفاقية للأمم المتحدة سنة 1982)، كما يتعلق ترسيم الحدود البحريّة بالمياه الإقليمية والجرف القاري، والمنطقة الاقتصاديّة الخالصة.

  وفي 14 ديسمبر 2003 وقعت سلطنة عمان واليمن على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينهما والتي جاءت في إطار اجتماع اللجنة السياسية المشتركة بين البلدين.

رؤية عمانية لترسيم الحدود البرية

ومن ناحية أخرى فقد مر ترسيم الحدود البرية بين سلطنة عُمان واليمن بمرحلتين: الأولى كانت قبل قيام الوحدة اليمنية، حيث كانت البداية إثر المساعي الحميدة التي بذلتها دول مجلس التعاون الخليجي، لإنهاء الخلاف الذي كان قائماً بينهما، والتي كللت بتوقيع اتفاق المبادئ الذي أنهى مشكلة الحدود بين البلدين.

 أما المرحلة الثانية: فبعدما تمت الوحدة بين شطري اليمن كان الموقف أكثر إيجابية؛ فقد دخلت المفاوضات بعد قيام الوحدة مرحلة اتسمت بالجدية والإصرار على إنهاء هذا الملف الشائك.

ومما لا شك فيه أن السلطان قابوس سلطان عمان ومنذ وقت مبكر جداً كان له نظرة استراتيجية بعيدة المدى بشأن اليمن باعتباره العمق التاريخي والاستراتيجي والسياسي للخليج؛ فلا شك أن استقرار اليمن هو من استقرار دول الخليج وقد أعلن السلطان قابوس ذلك صراحة حيث قال: "إن اعتزازنا بهذه الثوابت ما هو إلا اعتزاز بالتاريخ المشترك والهدف الواحد للوصول إلى سعادة ورفاهية الشعبين الشقيقين العُماني واليمني".

 وتأسيساً على ذلك وفي الثاني عشر من نوفمبر 1992 تم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين سلطنة عُمان واليمن في صنعاء.

وفي 22 يوليو 2008 وقعت سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة على قوائم الإحداثيات والخرائط النهائية الموضحة لخط الحدود الممتد من شرقي "العقيدات'' إلى ''الدارة'' على الخليج العربي. ويمتد خط الحدود في هذا القطاع على مسافة (272 كيلومترا) وقد تم توضيحه على الأرض بعلامات رئيسية وفرعية.

 الجدير بالذكر أن قطاع الحدود الممتد من ''أم الزمول'' إلى شرقي ''العقيدات'' قد تم إعادة تخطيطه بموجب الاتفاقية الموقعة بين البلدين في صحار في الأول من مايو 1999 وفي الثاني من مايو من نفس العام تم توقيع ملاحق الاتفاقية بشأن تحديد وتنظيم الاجراءات التنفيذية لتطبيق الاتفاقية فيما يتعلق بالسلطات المخولة لكل جانب والمنشآت الخاصة بكل طرف على امتداد القطاع الحدودي الممتد من نقطة أم الزمول الى شرق العقيدات في المنطقة المشتركة مع السعودية.

 وصادق البلدان (عُمان والإمارات) في العام 2003 على الاتفاقية لتدخل بذلك حيّز التنفيذ. وتم التوقيع في مسقط في 24 مايو 2005 على الخرائط التفصيلية لاتفاقية تخطيط الحدود بين البلدين للقطاع الممتد من أم الزمول إلى شرقي العقيدات.كما تم حل النزاع حول واحة البريمي بين سلطنة عمان ودولة الإمارات والسعودية في 1974.

 وفي 24 مارس 1990وقعت كل من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية على الاتفاقية الحدودية في قمة "حفر الباطن" ، وبعدها بخمس سنوات أي في عام 1995 تم توقيع الخرائط الحدودية بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في الرياض ولقى ذلك ترحيباً وارتياحاً في الأوساط الخليجية والعربية، حيث اعتبرته الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي "لبنة أولى" في طريق ترسيم الحدود الدولية بين بقية دول المجلس، فيما وصفته أوساط سياسية بأنه "إنجاز سياسي كبير" يضاف الى الانجازات التي بدأت تتحقق في المنطقة على صعيد حل القضايا الحدودية عن طريق المحادثات الثنائية، كما حدث بين سلطنة عمان واليمن.

 ويبلغ طول الحدود الدولية بين سلطنة عمان والسعودية 657.4 كيلومتر، وتبدأ من منطقة أم الزمول في الشمال وتنتهي في رملة شعيت.

إجمالاً يمكن القول أنه لم يكن نجاح سلطنة عمان في الوصول الى اتفاقيات دولية لتحديد وترسيم الحدود مع كل جيرانها على قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" سوى جانب واحد من الجوانب المضيئة في الدبلوماسية العمانية المرنة والهادئة، خاصة وأن مناطق الحدود العمانية مع كل دول الجوار أصبحت معابر خير وجسور مودة وطرق تعاون مثمر ليس فقط للشعب العماني وإنما للشعوب الأخرى حيث تحولت السلطنة بحكم موقعها الاستراتيجي الى محور لوجيستي بالغ الاهمية في تعزيز وتطوير حركة التجارة والنقل بين منطقة الخليج والعالم.

شاهد أيضاً

الاثنين القادم .. الشورى العُماني يناقش مشروع قانون الإعلام والسياسة الإعلامية

عدد المشاهدات = 9513 مسقط، وكالات: يستضيف مجلس الشورى العُماني الاثنين المقبل الدكتور عبدالله بن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.