الخميس , 9 مايو 2024

خلود ابوالمجد تكتب: أصحوا ده الكفن ملوش جيوب!

= 1386

Kholod Abulmagd 2

 

أكاد لا أتمالك أعصابي ولا أتمكن من السيطرة عليها أو على الدموع التي تنهمر من عيوني منذ لحظة الإعلان عن ذاك التفجير الآثم الذي تم في أحد دور العبادة في الكويت هذا البلد الذي ولدت ونشأت فيه وعاشرت أهله منذ سنوات بعيدة حتى أضحى بلدي الثاني، ظهر أمس وأثناء الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة، ولا أستوعب كيف لأي شخص أن تسول له نفسه بالتحريض على مثل هذا العمل الإجرامي في ذاك المكان المقدس الذي يذكر فيه إسم الله ويعبد فيه؟!

وتقفز في ذهني وذاكرتي كل المشاهد التي كنا نراها عبر وسائل الإعلام لجماعة المتشردين وهم يحتمون بدور العبادة في القاهرة لإيمانهم الكبير بأن ما من أحد سيتجرأ على مهاجمة هذه الدور التي حرم الله فيها القتال، والتي لم يتجرأ بالفعل حينها أحد عل المساس بها لهذا السبب، على الرغم من محاولتهم المستميته في إظهار عكس ذلك للعالم، فلا يغيب من عقلي أبدا ذاك المشهد الذي كانت تنقله قناة "أون تي" في على الهواء مباشرة لهؤلاء الحثالة وهم داخل مسجد الفتح يمسكون بخراطيم مكافحة الحريق ويستخدموها في محاولة فاشلة ليخبروا العالم بأن جيشنا الباسل يلقي عليهم بالقنابل المسيلة للدموع على قناة الدمار والإرهاب الجزيرة.

 إلا أن رب العالمين أراد فضحهم فكان المشهد ينقل في نفس اللحظة ليشاهد الجميع كذبهم، وتكرر المشهد في فض إعتصام مسجد رابعة العدوية الذي احتلوه عنوة ولم يكتفوا بذلك بل أنهم أخذوا فيه الرهائن وقتلوهم في بيت من بيوت الله الذي لا يعرفونه، ولا يمت لهم الإسلام الذي يتشدقون بمدافعتهم عنه بأي صلة، ذاك الدين السمح القائم على المسامحة والحب والإيمان بكل الأديان.

أي دين هذا الذي يدافعون عنه؟ وأي إيمان الذي يتحدثون عنه؟ فهم لا يدافعون إلا عن مصالحهم وأطماعهم المادية متناسين أن أكفانهم لن تحمل معهم تلك الأموال الحرام التي يجمعونها بالمتاجرة بدماء الشعوب في كل مكان، بل أن هذه الأموال والمطامع لن تكون سوى جمرة من جمرات النار التي سيخلدون ويحاسبون فيها على أفعالهم التي حرم الله، أيعقل أنهم بالفعل يقرأون نفس القرآن الذي نقرأه؟ أيقرأون نفس كتب السنة والحديث التي تملأ مكتباتنا؟ حاشا لله أن يكون هذا هو الإسلام الذي ندين به.

ولماذا هذا التوقيت؟ وأين هي أمريكا تلك القوة العظمى التي تستعرض عضلاتها كلما تحرك جيش بلادي الباسل نحو محاربة الإرهاب منادية بحقوق الإنسان؟ أوليس الحق في العبادة الآمنة حق من حقوق الإنسان؟ أو لم يدر رئيسها بهذه الأعمال الإرهابية الخسيسة التي جرت في الكويت وتونس وفرنسا؟

نعم لم يكن لديه الوقت لتلك المهاترات، فكان يحتفل بتشريع ما حرم الله والذي يهتز له ملكوته وعرشه، بالسماح لأهل اللواط والسحاق بالزواج وممارسة عهرهم علانية دون حسيب أو رقيب أو خشية من معصية رب العالمين، فهذا ما هم عليه من إيمان بحقوق الإنسان التي ينفر منها حتى الحيوان.

أين هي ألمانيا التي أفرجت عن ذاك الخائن بحجة إعتراضها على أحكام الإعدام في بلادنا من هذه الإعتداءات ومن هؤلاء الضحايا الذين سقطوا وكل ذنبهم أنهم ذهبوا ليعبدوا الله ويقيموا فروضهم؟

لكن لا يمكننا أن نحملهم بمفردهم ذنب ما يحدث في بلداننا، فنحن من أعطاهم وفتح لهم المجال بفرقتنا وشتات شملنا منذ عقود مضت بأطماعنا في السلطة والحكم، وتناسي جميع قادتنا في الشرق الاوسط أن لا شيء يدوم وأن كل شيء إلى زوال وما نحن إلا عابرون على هذه الدنيا، نسلم بعضنا بعض الحياة، وإن دامت لغيرك ما وصلت إليك.

أفيقوا يرحمكم الله من غيبوبة الفرقة التي تعيشون فيها، فقد آن أوان الاستيقاظ من هذا الثبات العقيم الذي تنتهجونه منذ عقود طويلة، اكتفينا من عصر القلوب على أحبائنا يوميا، ولم نعد نتحمل المزيد، فكل بيت عربي إكتوى بتلك النار منذ ذاك الخريف الذي بدأ في الشرق الأوسط، والذي كانت أوراقه المتساقطة هي زهور المستقبل من شباب وأطفال، لا ذنب لهم سوى أن المسؤولين عنهم لم يكونوا على القدر الكافي من المسؤولية لحمايتهم والحفاظ على حياتهم.

أين تلك القوة العربية المشتركة التي أعلن عنها منذ شهور؟ والتي ينادى بها منذ قرون؟ كم من الوقت ستنتظرون؟ أم أنكم لن تشعروا بكل ذاك الألم الذي يملأ قلوبنا حتى تمس نار ما نكتوي به أحد افراد أسركم؟

قالها رئيس بلادي مرارا وتكرارا أمن الخليج من أمن بلادنا القومي، فهي العمق الاستراتيجي الذي يحمينا والذي ساندنا في محاربة تلك الشرذمة البغيضة التي كادت تودي ببلادنا، لكن ما من أحد من بلداننا العربية استوعب تلك الرؤية حتى الآن، فوقعت تفجيرات المملكة العربية السعودية بداية وها هي تصل الكويت الآن، ومازالت البحرين تغلي على صفيح ساخن وحده الله يعلم متى سينفجر؟ ولم يفهم ويدرس تلك الرؤية سوى المتشدقين في الغرب بحرية وحقوق الإنسان، وهم في الأساس لم يمتلكوها قط، وأطلقوا علينا جماعتهم الإرهابية، فالقاعدة كانت بالأمس وداعش تطل علينا اليوم.

ندائي لكم أيها الزعماء، أيها الحكام، إعملوا عقولكم وأيقنوا أننا جميعا إلى زوال، حاربوا أطماع السلطة وأبحثوا عن الإنسان بداخلكم، الذي سيقف أمام رب العالمين ليسأل عن ما فعل في دنياه، وعن عمره فيما أفناه، ولن يشفع له يوم العرض لا جاه ولا سلطان ولا مال ولا ولد، ولن يبقى له سوى عمله.

أصحوا ده الكفن ملوش جيوب.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 3028 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.