حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
هل هناك طبقة عازلة بين «الناس اللي فوق» و«الناس اللي تحت»؟ هل يسمع كلاهما الآخر أو يشعر به؟ وهل يمكن أن يستقيم وضع مجتمع لا يعترف بأن تغيير الحاضر هو الخطوة الأولي للسير نحو المستقبل وأن بذل الجهد المستمر والتحلي بالنفس الطويل وإخلاص النوايا هو الطريق لبلوغ الغايات؟
شغلتني هذه التساؤلات خلال متابعتي لمؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي علي مدي يومين دارت فيهما مواجهات بين ممثلي الحكومة من الوزراء ورؤساء الهيئات والأجهزة وقيادات القطاع المصرفي وبين المستثمرين ورجال الاقتصاد والصناعة والتجارة، وتم فيها اعادة طرح المشكلات التي تعوق وصول التنمية إلي المستوي المطلوب، واعادة اطلاق التحذيرات من مساوئ التباطؤ في انجاز حلول سريعة وعمليه تتخطي البيروقراطية وجمود الجهاز الإداري للدولة، وتسعي لوصول نتائج ملموسة إلي «الناس اللي تحت» وهم الضمير الغائب غالبا في أحاديث الكبار!
تحدث البعض خلال المؤتمر عن ضرورة الاهتمام بتأهيل البشر وتدريب العاملين في الدولة بما يسمح بتحويل طاقاتهم من سلبية إلي ايجابية، ومساوئ التعليم الذي لا يقدم في نهايته منتجا بشريا يساعد علي دفع التنمية، وتداخل القوانين التي أصبحت شبكة معقدة يصعب فهمها وبالتالي يصعب تنفيذها، مع وجود ثغرات وثقوب تفتح ابواب الفساد وسوء الادارة والتنفيذ أمام كل فكرة جيدة أو مشروع جديد، أو خدمات تسهم في تحسين جودة الحياة، وكلها تؤثر في حجم الثقة بقدرة الدولة علي تحقيق العدل والمساواة وتلبية الإحتياجات الأساسية لمواطنيها.
والمؤكد أن حصيلة كل المؤتمرات المتعلقة بالاقتصاد والتنمية والإستثمار تثبت أن كل المشكلات معروفة وواضحة وأن كل الحلول التي يتم طرحها يمكن الأخذ منها بما يناسب ظروف وأهداف نريد الوصول اليها، المهم أن نبدأ باختراق «الطبقة العازلة» بين مايتم تداوله والحديث عنه حول المشروعات الكبيرة والمستقبل الواعد، وبين مايحدث بالفعل علي أرض الواقع، لأن المسافة التي تتسع كل يوم بينهما تضعف الثقة في الحاضر والمستقبل معا.
كنت أتمني أن تقدم الحكومة في هذا المؤتمر تناولا مختلفا لمسائل تشغل بال الناس مثل السيطرة علي انفلات الأسعار ووضع برامج للتأهيل والتدريب وتوفير فرص عمل، وتغيير منظومة التعليم العام الذي ينتج شهادات دون تعلم حقيقي، وكيفية وقف مشكلات مزمنة مثل تدهور النظافة وتزايد المناطق العشوائية، وكلها في النهاية تؤثر بشكل واضح علي الاستثمار الذي تسعي الدولة إلي جذبه وزيادته.
—————-
hebaomar55@gmail.com
