الثلاثاء , 7 مايو 2024

هبة عمر تكتب: قلـــب أمـــي!

= 1315

Heba Omar


العيد أمي فما يعني لي العيد؟… إن لم تكلل بلقياها المواعيد… كأنما الفجر في عينيك يحملني… طفلا وإن ملأت وجهي التجاعيد…. كلمات بديعة صاغها الشاعر السعودي الدكتور محمد سعود السفياني، أيقظت حنينا جارفا لمشاعر لا يوقفها تقدم العمر ولا زحف التجاعيد، وأعادت شوقا ظننت أنه تواري خلف الرضا بالقدر والمكتوب، ورغبة في اللجوء الي هذا القلب التقي النقي..

قلب أمي.. «حمالة الأسية» الصابرة الصامتة الراضية دوما، الصامدة في وجه الألم والمرض بلا شكوي ولا اعتراض، هذا القلب الذي حمل حبا يسع الدنيا ، وتحمل وجعا بحجم الدنيا وعلمني الكثير في كل حالة، لا يوفيه حقه كل الشكر  والشعور بالعرفان، و كل الندم علي السهو والنسيان، وكل رغبة في التعويض بعد فوات الأوان.

أمي التي تلقت تعليما بسيطا، وعاشت مدللة في بيت والدها، محاطة بمن يخدمها، اتبعت مع أبنائها منهجا يناسب عصرهم، علمتنا أن نخدم أنفسنا، وأن نؤمن بأن من تواضع لله رفعه، وأن نتسامح مع الناس ونغفر الإساءة  ونعفو عند المقدرة، وأن نحفظ للكرامة قدرها وللقناعة ميزانها، وأن نعمل العقل في التفكير ونترك للرب التدبير، وظلت تحافظ علي علاقة يسودها الاحترام المتبادل مع الجميع، وتدعو لنا دعوتها الجميلة بأن يحبنا خلق الله جميعا، وهي تردد نصيحتها..

«لا تتركوا الدنيا تأخذكم من أحبائكم»

حين كتب أستاذي مصطفي أمين ذات يوم يدعو لتكريم الأم في يوم خاص بها، ويقترح أن يكون عيدا لها مع بدايات الربيع، روى قصة أم هجرها الأبناء وتركوها وحيدة بعد أن ضحت بكل شيء من أجلهم، وأراد ألا تتكرر قصة هذه الأم التي نسيها أبناء وهبت لهم شبابها لتبقي وحيدة في آخر العمر، أراد أن يذكرنا بأن تكريم الأم واجب في حياتها وبعد رحيلها، وواجب طوال العام وليس يوما واحدا، فهذا ما دعتنا إليه الأديان السماوية، وما تدعونا إليه الإنسانية، ولم يكن يعلم أنه بعد سنوات سوف يخرج من يهاجمون الفكرة وصاحبها ويطالبون بتكفير الاحتفال بالأم وعيدها ويعتبرون هذا العيد بدعة وضلالة!

لو كان هؤلاء يفهمون معني الدين الحقيقي كما تعلمناه من أمهاتنا «ما وقر في القلب وصدقه العمل» لتغيرت عقولهم وتسامحت أفكارهم، ولو كانوا يعلمون أن كل دعوة للمحبة وإبداء الامتنان والعرفان للأم هي تذكير  بقول نبينا الكريم «أمك ثم أمك ثم أمك» لتوقفوا عن الفتاوي المعتادة في هذه المناسبة، ولو نظروا الي مغزي الاحتفاء بالأم بروية، بعيدا عن تحجر الفكر وعنف التوجيه، لأدركوا أنهم يهاجمون جوهر الدين الذي يدعو للتسامح  والرحمة ويوصي بالوالدين، قال تعالي «وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذّلّ من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا».

————

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 143 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.