الخميس , 9 مايو 2024

هبة عمر تكتب:أي شــــرف؟

= 1420

Heba Omar


أي شرف هذا الذي يدافع عنه «رجل» يقبل أن يتهم زوجته وأم صغاره علي الملأ في مجتمع لاينسي ولا يرحم ولا يتحقق من أي اتهام قبل أن يقرر القصاص؟ وأي شرف يدعيه «رجال» يقبلون  عقاب أم مسنه بدلا من ابنها « المتهم» عقابا وحشيا يهدر الكرامة والإنسانية و يعري سترها علي رؤوس الخلق؟ وكيف تغيب الحكمة واستشعار الخطر  ورؤية نذر العاصفة قبل وقوعها؟.

قصة ماحدث في قرية الكرم بأبو قرقاص بالمنيا  مازالت عصية علي التصديق شديدة الإيلام فيما ورد من تفاصيلها ، التي مازالت رهنا للتحقيق ، فما روته « الست سعاد» الأم القبطية التي تعرضت لاعتداء بسبب شائعة تتعلق بابنها ،  وأعلنه الأنبا مكاريوس الأسقف العام لإبراشية المنيا وأبو قرقاص ،أن « رجالا» هاجموها و  قاموا بإخراجها من منزلها  و تجريدها من  ملابسها، وجرها في الشارع، والتعدي عليها بالضرب الوحشي، ثم طرحها أرضًا، لتحبو وتختبئ تحت عربة صغيرة، حيت ألقت «سيدة مسلمة فاضلة» ثيابًا فوقها، فارتدتها بسرعة وتحاملت علي نفسها لتهرب وتستقل وسيلة مواصلات إلي المدينة، مؤكدا أن السيدة قالت أقوالها في النيابة، أما ابنها فهو لم يتم تهجيره من القرية كما أشيع بل ترك المكان بكامل إرادته، أما الزوجة «المتهمة في شرفها» فقد تقدمت ببلاغ في القسم تنفي عنها الاتهام بالعلاقة، وقدمت بلاغا ضد زوجها لتشهيره بها !

وحين ينتشر الخبر علي مواقع التواصل الاجتماعي وتبدأ ردود الأفعال الغاضبة  في التعليق علي ماحدث يفاجأ الناس بتصريح علي لسان محافظ المنيا يفيد أن الموضوع بسيط ولا يستحق !  وهو تصريح جانبه الصواب تماما وغابت عنه حكمة   الإحساس  بخطورة الأمر ، ثم يأتي تصريح آخر لرئيس مباحث مديرية المنيا ينفي فيه ما تم تداوله علي مواقع التواصل          الاجتماعي حول واقعة التعدي علي الأم المسنة، ويصفه بأنه لايعدو كونه «شائعة سخيفة» حسب تعبيره!

مع هذا التخبط بين التأكيد والنفي ، تصدر الرئاسة بيانا يدين ماحدث وتوجيها رئاسيا بالتحقيق ومعاقبة من تسببوا في الواقعة طبقا للقانون، و يصدر البابا تواضروس بيانا عقلانيا يدعو إلي ضرورة ضبط النفس والتزام التعقل والحكمة للمحافظة علي السلام الاجتماعي والعيش المشترك، وغلق الطريق علي كل من يحاول المتاجرة بالحدث لإشعال الفتنة، بينما الفتن كلها تكمن في الجهل والتعصب الأعمي  باسم الشرف حينا، وباسم الدين حينا ، وباسم الوطنية أحيانا، هذا الجهل والتعصب الذي يزرع بذور العنف في الأفكار والسلوك، ولا يعالجه الحديث عن الوحدة الوطنية وزيارات رجال الدين والمعالجات الأمنية فكلها مؤقتة  ومعتادة وينتهي تأثيرها مع انتهاء الحدث ونسيانه ، ويظل الجهل والتعصب والتفرقه والتقسيم أمراضا تحتاج دراستها بجدية والبحث عن علاج لها بدلا من تجاهل وجودها.

——–

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 3382 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.