الثلاثاء , 14 مايو 2024

مرفت العريمي تكتب: لصوص الوقت!

= 1452

Mervat Oraimy 2


 في دفتر صغير أحمله في حقيبتي أدون فيه برنامجي اليومي وأحدد وقت إنجاز العمل، وهذه الطريقة تساعدني كثيرا في إنجاز الكثير من الأعمال فبدونها تظل الأعمال معلقة إلى ما شاء الله، فما أجمل الصباح الباكر حيث الهدوء والسكون والهواء النقي إنه الوقت المناسب كي أبدا برنامجي.. اليوم لن أرد على أية مكالمات  حتى أنتهي من عملي ..
 يرن الهاتف.. مرة ومرة حتى أضطر إلى التقاط السماعة.. ما هذا لقد استغرقت المكالمة نصف ساعة لم أتمكن من إنهائها حتى لا يتضايق الطرف الآخر.

الآن سأعود إلى العمل.. أسمع طرق الباب..  يا إلهي من هناك.. أريد دقيقة من وقتك .. تفضل الدقيقة تتحول إلى ساعة، الأغرب أنهم يدركون تمام الإدراك أنك مشغول وفي يدك عمل يجب إنجازه إلا أن ذلك لا يعنيهم .

 الا تشاهد هذا المشهد يتكرر امامك  كل يوم.. الم تسمع من صديق يشكو لك من ضياع برنامجه بسبب لصوص الوقت؟  يقول احدهم حتى أصبحت أنجز عملي في البيت وأسطو على وقت أسرتي  وأسرق سويعات منها..  وانا اشعر بالندم الشديد حين ارى علامات الاسى في عيونهم ..هذا هو الحال للكثير من الناس  بين شخص يحلم بالانجاز قدر المستطاع وأخر يستهلك وقتك ووقته بلا منفعه.

 أتذكر مقولة  كارل ساندبرج "الوقت عملة حياتك، وهي العملة الوحيدة التي تملكها، وأنت وحدك تستطيع أن تحدد كيف يمكن أن يُنفَق، فاحرص على ألا تدع آخرين ينفقونه بالنيابة عنك".

أحيانا  أكاد أن أصل إلى مرحلة إشهار الإفلاس!!

نعاني في مجتمعاتنا العربية من لصوص الوقت الذين يسطون على وقتك بدون سابق إنذار أو  تنسيق مسبق  فتجدهم أمامك  يعترضون طريقك حتى وإن علموا أنك تواجه ظرفا طارئا وعليك الانصراف. وإن أردت الاعتذار بلباقة فإن ردود فعلهم لا تكون لطيفة البتة .. فتصبح أمام خيار واحد إما أن تكون صادقا وتمنحهم ما يحتاجونه من وقت على حساب وقتك أو أن تمارس المراوغة والكذب للتملص منهم وإنجاز ما عليك إنجازه.

الوقت ثمين وكل لحظة تمر لا يمكن تعويضها. إننا نعاني من هدر الوقت على حساب الإنتاجية لذا لم نستطع مواكبة التقدم الحضاري للعالم في ظل المتغيرات المتسارعة. خلصت دراسةٌ أجراها اتحاد تنمية الموارد البشرية في مصر إلى أنّ معدل إنتاجية الموظف الحكومي العربي  تتراوح بين (18) إلى (25) دقيقة يومياً، أي إن ست ساعات ونصف يضيع في لا شيء واستهلاك موارد المؤسسات دون إنتاج يذكر ناهيك عن ضياع الوقت في أمور تضر بالأفراد والمجتمع و يدفع البعض إلى ما هو أبعد من ذلك إلى التطرف والجريمة.

وقال ابن الجوزي: رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً.
إن طال الليل فبحديث لا ينفع، أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر.
وإن طال النهار فبالنوم.
وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق.
فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم، وما عندهم خبر.
ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود، فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل.
إلا أنهم يتفاوتون وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد الإقامة.
فالمتيقظون منهم يتطلعون إلى الأخبار بالنافق هناك، فيستكثرون منه فيزيد ربحهم.
والغافلون منهم يحملون ما اتفق، وربما خرجوا لا مع خفير.
فكم ممن قد قطعت عليه الطريق فبقي مفلساً.
فالله الله في مواسم العمل.
والبدار البدار قبل الفوات.

واستشهدوا العلم، واستدلوا الحكمة، ونافسوا الزمان، وناقشوا النفوس، واستظهروا بالزاد. فكأن قد حدا الحادي فلم يفهم صوته من وقع مع الندم.

وكما قال النبي عليه افضل الصلاة والسلام "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" .
——————-
* مرفت بنت عبد العزيز العريمي كاتبة عمانية.

 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: الاحتلال بالأفكار وليس بالسلاح (١)

عدد المشاهدات = 1075 التاريخ يؤكد أن جميع القوى العظمى التى احتلت غيرها من الدول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.