الجمعة , 10 مايو 2024

مرفت العريمي تكتب:المستهلك العربي والحق في المعرفة

= 1548

Mervat Oraimy 2


تتجلى أهمية حق المعرفة والحصول على المعلومات في أنها الحق الذي يعزز تمكين المستهلك من الحقوق الأخرى وتأمين حياة آمنة وصحية له، ووعي المستهلك بحقوقه كمستهلك وواجباته سواء أكان مستهلكا أم منتجا لسلع أم مقدما لخدمات.  واليوم نحن على مقربة من الاحتفال لليوم العالمي لحماية المستهلك  الذي خصصته الأمم المتحدة في عام 1985 في إطار منح الإنسان حقوقه بما يكفل له حياة كريمة، وما زلنا في العالم العربي نتعامل مع موضوع المستهلك  بالطرق التوعوية العامة أي إننا لا نستهدف كل فئة بما يتناسب مع  ثقافتها وامكانياتها، مما حصر مفهوم حماية المستهلك في أذهان المستهلكين بضبط الأسعار ولأسباب تتفاوت ما بين عدم قدرة مؤسسات حماية المستهلك من تغطية كافة الجوانب المتعلقة بالسلع والخدمات نظرا لتشعبها والنمو السريع للسوق  والآخر  انخفاض اهتمام المستهلك بتوعية نفسه ومعرفة حقوقه.

وما تقوم به مؤسسات حماية المستهلك من جهود جبارة لتوعية المستهلكين ومتابعة حقوقهم بما يحقق لهم حياة صحية آمنة فضلا عن تحقيق عدة نجاحات أذكر منها تطبيق قوانين وتشريعات لحماية المستهلك من الغش ومنع أصحاب الأعمال من احتكار السلع والخدمات وتأمين أغذية صحية خالية من المواد المضرة بالصحة وغيرها الكثير. إلا أننا  نواجه كدول نامية  ضعفًا في الوعي  بالبنود الثمان التي  أقرتها الأمم المتحدة لحماية المستهلك  والتي تتمثل في حقه في الأمان أي أن تكون المنتجات والخدمات التي يستهلكها لا تضر بسلامته أو صحته، وحقه في اختيار  المنتج أو الخدمة التي تضمن له سعرا تنافسيا ومع ضمان الجودة، و حقه في إشباع  احتياجاته الأساسية من الخدمات والمنتجات وحقه في معرفة كل المعلومات  التي يحتاجها لاتخاذ القرار المناسب في استهلاك الخدمة أو السلعة  وحقه في الاستماع إلى آرائه بحيث يتم وضع مصلحة المستهلك في الاعتبار عند إعداد سياسات حماية المستهلك  وحقه في تعويضه بتسوية عادلة  عندما يتعرض للتضليل وحمايته من الخدمات غير المرضية أو السلع  الرديئة  وحقه في التثقيف ومعرفة حقوقه  كمستهلك ومسؤوليته في استخدامها وحقه في التمتع ببيئة صحية.

إنّ اية حركة اقتصادية نشطة تعتمد على قوة تنفيذ التشريعات والقوانين المنظمة للعلاقة بين المستهلك ومقدم السلعة إلى جانب الدور الذي تقوم به المنظمات والمؤسسات المدنية والأجهزة الحكومية في توعيه المستهلك بكافة حقوقه ومسؤولياته. فعلى سبيل المثال لا الحصر لو أن المستهلك لديه الإدراك الكافي بتأثير  مكونات المأكولات السريعة  على صحته والتبعات التي يمكن أن تنتج من جراء استهلاك هذه الأطعمة  فمن المؤكد أنه سيتخذ التدابير اللازمة لتقليل هذا التأثير سواء بالامتناع عنها أو التقليل منها، حتى في جانب الخدمات الصحية، فإن معرفة المستهلك بخيارته العلاجية والنتائج المتوقعة من الخضوع لعلاج ما سوف يعزز من الخدمات المقدمة من المؤسسات الصحية، كما إن التوعية بالخدمات المصرفية والتخطيط المالي  يجب أن يكون في إطار المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات المصرفية  وبرقابة من مؤسسات حماية المستهلك  بالاطلاع على النماذج المتلفة في هذا الشأن نجد تشريعات تفرض وبصفة إلزامية مقدم السلعة أو الخدمة بتوفير قدر  وافٍ من المعلومات للمستهلك وبحيادية تامة.

وتلعب وسائل الإعلام دورا مهما في حماية المستهلك من التضليل وتقديم المعلومات الكافية حول السلع والخدمات لكن من الملاحظ في المحتوى الإعلاني والإعلامي في عالمنا العربي الكثير من المعلومات الصحية المغلوطة التي تتعارض مع الدراسات العلمية والصحية خصوصا في الإعلان عن السلع الغذائية والعناية بالصحة العامة.

لقد ساعدت التكنولوجيا الحديثة بشكل كبير في تنويع الوسائل الإعلامية والتوعوية التي يمكن أن تخاطب شرائح المجتمع كافة سواء أكانت رسائل المباشرة أو تلك التي تأتي في قالب درامي أو إعلاني والأكثر تأثيرا لأنها غير مباشرة ولا تعتمد أسلوب التوجيه المباشر.

ومن الضروري جدا الرقابة على المحتوى الإعلاني والإعلامي في الرسائل الترويجية  لأننا كثيرا من نجدها مضللة  أو تعتمد اسلوب التهويل والمبالغة وافتعال الحاجة إلى سلع وخدمات مما يحفز المستهلك  على الشراء والتبذير والإضرار بمصلحته  فلا جدوى من حملات تعنى بضبط الأسعار إن لم تكن هناك استراتيجيات وفي إطار مواز تحمي المستهلك من المحفزات وتحقق نموًا اقتصاديا سليما بانتهاج الأساليب العلمية التي  تحترم المستهلك ونحن في حاجة إلى ذلك نتيجة لما حدث في السنوات الأخيرة من انتشار للأمراض ذات العلاقة بنمط الحياة والغذاء  وقد قامت العديد من الدول الغربية في تطوير قوانين حماية المستهلك وتوفير المعلومات الواضحة له حول ايجابيات وسلبيات المنتجات والمكونات الأساسية للسلع ليتسنى له اتخاذ القرار المناسب واختيار السلعة التي تشبع حاجاته.

وختامًا يجدر القول إن حماية المستهلك لا تتوقف عند مفهوم رعاية المستهلك ومعاونته في الحصول على ما يلزمه من سلع وخدمات يتطلبها نمط حياته وعلاقته بالمجتمع في كل الأوقات والظروف بل يشمل أيضا حمايته من نفسه أي حمايته من كل من يقدم له خدمة أو سلعة قد تلحق به ضرر سواء أكان مدركا أو غير مدرك نتيجة لخبرته البسيطة.

———————

* مديرة مركز الدراسات والبحوث بمؤسسة عمان للصحافة والنشر.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 3956 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.