الجمعة , 10 مايو 2024

د.علا المفتي تكتب: “قواعد الحب العشرة”

= 1485

اكتشفت أني لا أحبها، وخشيت أن أكون قد وصلت إلى مرحلة كراهيتها. فلقد أصبحت أعذبها وانكل بها في بعض الأحيان. إنها نفسي المسكينة، نعم اكتشفت أني لا أحبها، فأنا أرهقها وأضنيها بحجة تهذيبها، وإيقاظ الضمير فيها، وأفرط في حقوقها طواعية، ثم أدعي أني اضحي من أجل الآخرين.

ولما سألت نفسي لماذا أفعل ذلك بنفسي؟! ولماذا لا أحب نفسي؟! تذكرت أننا ربينا على مبدأ مفاده أن حب النفس أنانية وعادة مذمومة، لكن الكثير منا لم يفهم المعنى السليم والصحي لهذا المبدأ، الذي ينبذ فكرة الأنانية، ومارسناه بتطرف حتى صرنا نكره أنفسنا ونؤذيها دونما نعي ذلك، من منطلق أن النفس أمارة بالسوء وأن قهرها واجب حتى نطهرها، وحتى نكون على طريق الإيمان.

لقد أوصتنا مبادئ ديننا بالوسطية في التعامل مع أمور الحياة، فلا إفراط ولا تفريط. نعم علينا أن نقهر مكامن الضعف والشهوة في أنفسنا حتى تصبح أقوى وأطهر، لكن هذا لا يعني أن يصبح القهر للنفس أسلوب معاملتها الوحيد، ففي بعض الأحيان يجب أن نحنو عليها ونقدرها، ونحافظ على حقوقها وكرامتها، وألا نضحي بالقدر المبالغ فيه، الذي يؤذينا ويقهرنا ويضعفنا، ويمرر مذاق حياتنا، ويسلب بهجتها.

إن لنفسك عليك حقوقا يجب أن تراعيها جيدا، فنفسك منحة من الله يجب الحفاظ عليها، فقد كرمك الله عندما خلقك، عن سائر مخلوقاته الآخرى، فكيف لك أن تعذبها وتضنيها بأفكار سلبية وممارسات خاطئة، بحجة أنك لا تريد أن تكون أنانيا، وأنك تضحي من أجل سعادة الآخرين؟! فإن أردت حقا أن تسعد الآخرين، عليك أولا أن تسعى لإسعاد نفسك. وإن أردت أن تكرم الآخرين، عليك أن تكرم نفسك أيضا، ولا تترك الآخرين ينصبون لك فخ الابتزار العاطفي، ويأخذون منك بسيف الحياء، ما لا ترغب في إعطائه لهم.

تعالى يا صديقي نحب أنفسنا بلا غرور أو أنانية، ونضحي من أجل من نحبهم دونما أن نعذب أنفسنا أو نجور على حقوقها. لكن كيف نفعل ذلك وقد اعتدنا على العكس؟

إن بناء العادات الجديدة يبدأ بتعديل الأفكار السلبية، التي بنيت عليها العادات القديمة. فإن أيقنت أن حب النفس لا يعني الأنانية والغرور، وإنما يعني تقبلها وإقامة علاقة سلام معها، وتهذيبها دون تعذيبها. وأن حب النفس جزء من الإيمان، وحب الله الذي خلق تلك النفس وكرمها، فعليك أن تحافظ عليها وترعاها.

إن وعيت هذا المعنى حقا، ستبني عادة حب النفس الصحية الإيجابية، وستصبح نظرتك لنفسك وللحياة أجمل، وسيغدو تكيفك مع المجتمع في صورة أفضل.

ولذا فإني أقترح لك عشرة قواعد، يمكنها أن تعاونك في تكوين علاقة إيجابية مع نفسك ومنها:

– احرص على الصلاة والاستغفار والصدقة، فهي ممارسات تمنحك شعورا بالرضا عن نفسك، واصفح واغفر لنفسك فإن خير الخطائين التوابون.

– حافظ على صحتك، فلا تهمل في علاج أمراضك أو نظافتك.

– مارس أي نوع من الرياضة المحببة لك، لتحافظ على لياقتك ومن ثم صحتك.

– اعتني جيدا بمظهرك، فإن المظهر الجيد يبعث الثقة في النفس، ويمنح الفرد الشعور بالبهجة.

– زاول هواية تفضلها أيا كان نوعها، فإن ممارسة الهوايات يعطيك طاقات إيجابية تساعدك في تخطي عقبات ومشكلات الحياة.

– احرص على الخروج للتنزه والتمشية في الأماكن المفتوحة، لتصفية ذهنك وتهدئة أعصابك المرهقة.

– كافئ نفسك بهدية بسيطة، كلما قمت بعمل إيجابي لك أو لغيرك.

– لا تسمح لأي شخص أن يعكر صفوك، وتذكر “وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما”.

– لا تعطي فرصة لأحد أن يبتز مشاعرك وينتقص من حقوقك بالضغط على عواطفك، واستغلال حياءك، وكن حازما.

– ضح من أجل الآخرين، بالقدر الذي لا يضر بك أو يضنيك.

جرب يا صديقي وأحب نفسك بعقلانية، ولا تخش من شبح الأنانية والغرور. أحب نفسك وقدرها فإن الله يحبها.

————-

* مدرس أدب وثقافة الطفل بكلية بنات جامعة عين شمس.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 4088 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.