الخميس , 9 مايو 2024

جورج أنسي يكتب: لمؤاخذة.. ديانتك ايه؟!

= 1536

Gorge Onsy

قبل أكثر من 10 سنوات ، تعلمت درساً من صمت زميلة عراقية – التقيتها فى احدى الورش الدراسية خارج مصر – ورفضها الاجابة عن سؤال أحمق طرحته عليها مدفوعاً بفضول صحفى أو ربما ناتج عن ميراث الفرز الطائفى الذى ساد مصر فى أواخر السبعينيات من القرن الماضى وحتى اشعار آخر!.
 
كان العراق خارجاً لتوه من مرحلة صدام حسين الى وجود قوات أمريكية على أراضيه، مع انتفاضة فئات تعرضت للتهميش والظلم فى العهد السابق ، مما دفعنى لسؤالها بتلقائية شديدة ( الى أى طائفة تنتمى ؟) وهنا ردت بعد صمت ( وهل سيختلف الأمر معك اذا عرفت طائفتى؟!) …نعم  أسقط فى يدى فقد أكتشفت مدى حماقتى وجهلى بل وعدم تحضرى نتيجة التشبع بافكار مجتمعنا المصرى الذى هوى سريعاً فى فخ الطائفية والفرز الدينى خلال أيام الرئيسين الاسبقين، السادات الذى رسخ ودشن الطائفية الدينية ومبارك الذى لم يقدم جديداً سوى العمل على استقرار دعائم حكمه بغض النظر عن اقرار دولة المواطنة والقانون.
 
لقد أعادتنى أخيراً الزميلة الاعلامية المعروفة منى الشاذلى الى نفس المربع الضيق وسؤالى العبقرى الاحمق ، عندما كررت نفس السؤال على الفنان الهندى أميتاب باتشان الذى حل أخيراً فناناً عزيزاً على القاهرة كضيف شرف فى مهرجان (الهند على ضفاف النيل ) وقد سألته بنفس عبقريتى ( ديانتك أيه؟)..!!
 
 واذا كان الشىء بالشىء يذكر، فانه يحضرنى هنا قصة لا تخلو من الطرافة ..كنت أنا أيضا بطلها فى صيف عام 1985 – بالرياض –  بعد أن حصلت على الشهادة الاعدادية فى مدرسة خاصة ، دارساً لخمس مواد دينية هى الفقه، التفسير ، الحديث ، التوحيد والقرآن الكريم وحصلت وقتها على مجموع 80% مع تقدير من الاساتذة والزملاء وحتى من رئيس لجنة امتحان نهاية العام – وهو سعودى الجنسية-  الذى حيانى على تفوقى، وذلك عندما أراد والدى الراحل أن أستكمل دراستى فى مدرسة حكومية وذهبت معه للتقديم – قبل بداية العام الدراسى-  وهنا استقبلنا المدرس المسئول وسأل ( ما اسم الطالب؟) فأجابه والدى: ( جورج)..وهنا سأل المدرس بجدية ( مسيحى ..يا ساتر ، ووالده؟) وهنا ضحك والدى – وكان رجلا صعيديا ميالاً للدعابة والضحك- وقال ( فكرك أبوه هيكون ايه؟! ) فرد المدرس بعد أن فكر قليلاً ( .. ربما يكون الولد عاقاً )(!)
 
… إن الامانة تقتضى أن أؤكد أن هناك أشقاء سعوديين- أمس واليوم وفى المستقبل-  يدركون أن الحياة تتسع للجميع ، لكن يبقى فى النهاية أن الحزن والحسرة على مثقفينا الذين يعودون للخلف بسرعة تفوق حد التصور!.
 
 من الطبيعى أننى تعلمت الدرس جيداً ، ولم أعد أسمح لنفسى أن أسال أى انسان سواء فى عالمنا العربى أو فى جميع العوالم – باستثناء مصر لأن الامر لا يحتاج للسؤال- عن طائفته أو ملته ، ايماناً بأنه أمر لا يخصنى والمعيار الوحيد للعلاقات الانسانية هو التعامل باحترام .

 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 2622 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.