الخميس , 9 مايو 2024

جنوب السودان..دولة فى مهب الريح ! (بقلم: مجدى الشاذلى)

= 1112

قبل أن تكمل عامها الثانى على الانفصال عن السودان، يبدو أن دولة جنوب السودان تتجه بصورة دراماتيكية نحو السقوط فى مستنقع الفشل، فى ظل معاناة الدولة منذ ميلادها من الصراعات المحتدمة فى قمة السلطة بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه المعزول رياك مشار، الأمر الذى كبد مواطنى الجنوب خسائر بشرية ومادية لا تقل عما تكبدوه لنيل استقلالهم عن السودان..إذ أوقعت الحرب الأهلية عشرات الآلاف من القتلى، وأجبرت نحو مليونى شخص من أصل 11 مليونا هم إجمالى عدد السكان على النزوح من ديارهم، ووضع الاقتتال الداخلى دولة الجنوب على حافة المجاعة.

الأزمة الحقيقة فى جنوب السودان، والتى تدور بين طرفى الصراع (الرئيس سلفاكير من جهة، والمعارضة أو المتمردين كما تسميهم الحكومة بقيادة رياك مشار) لاتزال تتمحور حول سياسة واحدة تقوم على المراوغة والعناد والاعتماد على لغة واحدة عنيفة لا يكاد كلاهما يفهم غيرها وهى لغة السلاح، إذ شهدت كل جولات الصراع بين كير ومشار مراوغات مستمرة للهروب من الالتزامات والاتفاقات التى توصلت لها الأطراف الوسيطة فى حل الأزمة منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار فى أغسطس الماضى بأثيوبيا.

ورغم كل بارقات الأمل التى بزغت فى المراحل المتعددة للوساطة، إلا أن جهود منظمة “إيجاد” بالإضافة إلى الجهود التى يبذلها عدد من زعماء القارة باءت جميعها بنتيجة واحدة هى الفشل الذريع، والتى كان آخرها قيام الرئيس التنزاني جاكايا كيكويتى بالجمع – لأول مرة منذ بدء الصراع – بين رئيس جنوب السودان سلفاكير ونائبه السابق مشار فى مدينة أروشا التنزانية، وفى هذا اللقاء النادر الذى عقد أواخر أكتوبر الماضى أقر الطرفان بمسئوليتهما المشتركة عن حالة الحرب التى تعانيها بلدهما والتى أودت بحياة الآلاف من مواطنيهما..ثم أعقب هذا اللقاء إنعقاد قمة مجموعة تنمية دول شرق أفريقيا (إيجاد) فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال الأسبوع الماضى، والتى شارك فيها رؤساء كينيا، والسودان، وجيبوتى، والصومال، ورئيس وزراء أثيوبيا، وبحضور رئيس جنوب السودان سلفاكير وزعيم المتمردين رياك مشار.

رغم اتفاق القمة الأفريقية على وقف إطلاق النار فورا فى جنوب السودان، لكن الأمور تدهورت على الأرض عقب ساعات فقط من إنعقاد القمة، وكالعادة تجددت الاشتباكات الدامية بين الطرفين المتنازعين فى الشمال الغنى بالنفط وعدة جبهات أخرى، وكالمعتاد أيضا تبادل الطرفان تبادل الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار..حيث اتهم المتحدث العسكرى باسم المتمردين لول رواى كوانج القوات الحكومية بـ”شن هجمات منسقة” فى ولايتى الوحدة وأعالى النيل، وقال إن قاعدة للمتمردين في ولاية جونجلى تعرضت أيضا “لقصف كثيف”.. بينما أكد المتحدث باسم جيش الجنوب فيليب اجوير اندلاع القتال في ولاية أعالى النيل متهما المتمردين بإطلاق النار أولا.

ومايزال الموقف الدولى من الأزمة فى جنوب السودان محيرا بدرجة كبيرة، إذ لم يخرج عن حدود التنديد أو التهديد على أقصى تقدير، دون اتخاذ التدابير اللازمة لإجبار طرفى النزاع على الإلتزام بتعهداتهما التى نكثوها عدة مرات، ومن هذا القبيل ما ذكره مسئول أمريكى أن وفد بلاده لدى الأمم المتحدة سيوزع مشروع قرار يدعو لإنشاء نظام خاص للعقوبات الأممية على دولة جنوب السودان، موضحا أن القرار سينشئ آلية لاستهداف الأفراد الذين يقوضون الاستقرار السياسي في البلاد وينتهكون حقوق الإنسان، بينما أعلن الأسترالى جاري كوينلن رئيس مجلس الأمن الدولى، أن عددا كبيرا من أعضاء المجلس مهتمون بدراسة فرض عقوبات محددة الأهداف على جنوب السودان، إضافة لفرض حظر على الأسلحة.

ومع ذلك، لم تتخذ الدول الـ15 الأعضاء فى مجلس الأمن أية خطوات عملية حتى الآن، وامتنعت سابقا عن فرض عقوبات على جنوب السودان بحجة إفساح المجال لجهود السلام التي يبذلها القادة الأفارقة في المنطقة..هذه المواقف الدولية المتقاعسة تزيد الأوضاع تفاقما فى جنوب السودان، حتى أن تقريرا لمنظمة غير حكومية يرأسها ديفيد ميليباند رئيس الوزراء البريطانى السابق، حذر من أن الوضع فى جنوب السودان أصبح “ميؤوسا منه”، وانه “في حال لم ينته النزاع فإن الأزمة فى جنوب السودان ستتحول إلى دوامة لا نهاية لها من جرائم القتل الأثنية والعنف الجنسى والاعتماد التام على المساعدة” الدولية.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 2888 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.