الثلاثاء , 7 مايو 2024

بسمة عبدالقادر تكتب: نضج امرأة وسطوة رجل!

= 1462

 

Basma Abdul Kader
 
منذ هبت صيحات المساواة بين الرجل والمرأة، والمرأة في عراك دائم مع ذاتها لأجل مواكبة المدنية والطموح، وعراك خارجي مع الرجل الذي شعر بتسلل شبح المساواة الذي يهدد عالمه، وحينما تشبعت أفكاره ببعض الأوهام مثل حرية المرأة والتي في ظنه تعني انحرافها عن الاستقامة والأعراف والمساواة التي ستجعلها تنافسه في كل مجالات الحياة وتقابله رأسا برأس ولا سيما في دور القيادة الذي ينفرد به، بدأ ينظر إليها كأنها ند لا شريك. 

لقد ظن الرجل أن المساواة تعني أن تدفع به المرأة لتحل محله، وغاب عن عقله وكذا عن عقل بعض النساء أن طبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة؛ فلم يرحب الرجل بفكرة المساواة وإن كان يصرح بعكس ذلك، فتراه في كل مضمار يسخر منها إن أخطأت، ويقلل من إمكانياتها،  بل والأدهى من ذلك أنه يزيد من الضغوط عليها لتعلن استسلامها عن بعض الأدوار التي شاركته فيها، مما دفعها للعناد والمضي قدما في تطوير قدراتها للتغلب عليه حتى أثبتت له أنها أقدر على تحمل الكثير من المهام في آن واحد، وتدريجيا اتخذ بعض الرجال موقف الانسحاب والتخاذل عن أدوارهم الأساسية في القيادة وتحمل المسؤولية، أو فرض سطوة ظاهرية تتمثل في فرض رأي أو اقصائها من مشاركته القرارات ليشعرها بأنه لازال الطرف الأقوى في المنافسة وأن عليها أن تخضع لاوامره وتوصياته لأنه الأعلم والأجدر، ولأنه من المفترض عليه أن يذكرها دوما بأنها أقل منه ذكاءا وقوة.

لا شك أن الرجل قد أخطأ في ظنونه عن المرأة بل والأخطر هو عدم إلمامه بطبيعتها، ولو عرف أوجه الاختلاف بين خصائص المرأة وخصائص الرجل لما تكبد كل هذا العناء لمعاداة تطورها ومساواتها ليس به ولكن بالحقوق مثل حق التعليم والعمل والتطور، أما عن الواجبات فتدرك المرأة جيدا أنها تتحمل أعباءا كثيرة تتخطى طاقتها في كثير من الأحيان، المرأة مخلوق ناعم، ضعيف بدنيا، ناضج عقلانيا، خلقت على العاطفة والحنان، وعزة الحياء، دورها الحقيقي يعتمد على هذه الصفات في المقام الأول؛ ولكن لماذا انجرفت إلى أدوار لا تلائم طبيعتها؟

إن كانت طبيعتها ناعمة وعاطفية و ذات حياء فهي إذً مخلوق لا يميل للقيادة ومواجهة الشرور والمحاربة في الغابة، لذا وجب عليها أن تعتمد على مخلوق آخر يقوم بهذه الأدوار ليساندها ويوفر لها بيئة الأمن والستر، وهذا ما تنتظره المرأة من رجلها، أن يدرك طبيعتها أولا ويعي حقيقة أنها شريكة يحتاج إليها مثلما تحتاج إليه، تمتلك الموهبة في ترويض قدراتها وتنتظر منه التركيز على تطوير إمكانياته بدلا من وأد محاولاتها للتطور، ظنا منه أنها تتطور لتصبح أقوى منه، ولكن مالا يعلمه أن المرأة تنفر من الرجل الضعيف، وتعشق ضعفها أمام قوة الرجل،  وتهفو للاحتياج إليه طالما عرفت عنه أنه داعم، مساند، يحترم طبيعتها ويحنو عليها، ويشاركها أموره البسيطة والكبيرة والتي هي في الأصل همومهما وسعادتهما معا يتشاركاها كل حسب دوره وقدرته.

 فإن لم يتماشى الرجل مع نضجها إلى جانب مواجهة تحديات الحياة شعر بالعجز، وراودته وساوس قلة الحيلة؛ فيتخاذل عن دوره تدريجيا، وتبدو نواياه الاتكالية عليها في كل الأمور؛ فلا تجد أمامها بدا من الاعتماد على نفسها وتضيف إلى دورها دورا آخر أكثر صعوبة، يحتاج إلى خصائص جديدة تؤهلها لخوض معارك شاقة لا يصلح معها الحياء أو الضعف، وهنا تطولها اتهامات الرجل بأنها لم ترغب من المساواة إلا أن تتعدى على دوره، وفي حقيقة الأمر هو من تخلى عنه واكتفى بمراقبتها في صمت.  

وهذا لا يعني أن هناك من الرجال والنساء من تفهموا حقيقة بعضهم البعض والتقوا عند نقاط التفاهم والانسجام، مرحبين بالمشاركة في بذل المزيد من الجهد والعطاء والتضحية للوصول لحياة سعيدة قدر الإمكان، لا يطغى أحد أطرافها على الطرف الآخر للاستعاضة عن شعور بنقص، والمجتمع العاقل يعتمد في المقام الأول على أم ناضجة مثقفة حنونة تسعى للتجدد ومسايرة نهضة العالم؛ فكيف برجلٍ تغذيه الأنانية يضع أمام امرأته الأقفال لتظل حبيسة في ذاته التي قد تكون أضيق من فتحة باب يسهل كسره؟!

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 951 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.