الثلاثاء , 7 مايو 2024

بسمة عبدالقادر تكتب: الحضري أسطورة لا تفنى..!

= 1233

Basma Abdul Kader


أسطورة كروية لمعت في سماء العالم الأفريقي والعربي وأزهرت من الأراضي الخضراء ..منبت أصيل لنجم المنتخب المصري الصاعد من كفر البطيخ إلى المدينة ، الفتى اللامع بين أقرانه ممن سقطوا أسرى في هوى لعب كرة القدم؛ الرياضة الأكثر شعبية بين ربوع ومدائن مصر، لم تكن مجرد لعبة بل شغف تسلل إلى وجدان الصغير (عصام) الذي حاول والده الحاج (كمال) بشتى الطرق أن يسنيه عنها ليتفرغ إلى دراسته، فباءت كل محاولاته بالفشل مع إصرار الفتى على ممارسة اللعبة التي دفعته إلى السير7 كيلومترات من كفر البطيخ إلى دمياط ليشارك في تدريبات الناشئين باستاد دمياط، الأمر الذي اعتبره اللاعب تحديا عزم على خوضه ليشكل بنيته القوية ومهارته في التصدي لكرات المنافسين، ومع سطوة حلمه الكبير التحق الفتى بالمدرسة الثانوية الزراعية حيث انتوى أن يلتحق بفريقها الفائز و المشهور بحصد كؤوس دوري المدارس في ذلك الوقت ، نضجت مهارة الحضري حتى استقطبه نادي دمياط ولمع اسمه بين صفوف الفريق حتى دفع به إلى الدوري الممتاز، ليبرهن لوالده أن النجاح لا يقتصر على محراب الدراسة.

كانت انطلاقته الكبرى عندما انضم إلى صفوف المنتخب الوطني عام 1993 بعد أن أبهر أداؤه المدرب الهولندي (رود كرول) قائد المنتخب في ذلك الوقت، ومن ثم تعلقت به الأضواء عندما ضمه المايسترو صالح سليم لكتيبة النادي الأهلي ، وهناك صعد نجمه جليا حيث أصبح الحارث الأول الذي أبدع في حراسة مرماه مع كل مباراة حتى أثبت للمرة الأولى في عام 2001 أنه قادر أيضا على صنع الأهداف عندما أدهش العالم بركلته الحرة التي قطعت مسافة 80 مترا لتسكن في شباك الحارس الجنوب أفريقي في مباراة كأس السوبر الأفريقي، والتي حصدها النادي الأهلى بفضل براعة ورجولة فريقه ، وتوالت خطوات الصعود والتميز لللاعب الذي ساهم في حصد بطولات أفريقية لفريقه في عامي 2005 و 2006. 

انتقل الحضري إلى طريق الاحتراف بالتحاقه بنادي سيون السويسري ، وبعدها عاد إلى مصر وتعددت محطاته بالتنقل من النادي الاسماعيلي ، إلى الزمالك ومنه إلى المريخ ثم الاتحاد السكندري وبعدها إلى وادي دجلة، ليعزز من مكانته المشرفة بين الجماهير التي تكن له من الاحترام والامتنان ما يدفعها للثقة به في كل ميدان ينافس فيه.

(السد العالي) لقب أطلقته الجماهير المصرية على الحارس المناضل الذي نادرا ما تخدعه الكرة وتتسسل إلى مرماه دون أن يردعها، البطل الأكثر مشاركة في المباريات الدولية برصيد 150 مباراة مع المنتخب الوطني، والذي يعد أفضل حارس مرمى في تاريخ مصر وأفريقيا حتي الآن، حيث حصد 38 لقب و 6 انجازات  علي المستوي الشخصي لم يسبقه إليها حارس مرمى من قبل في  دوري وكأس أبطال أفريقيا، وبفضله وبفضل زملائه حصدت مصر بطولة الأمم الأفريقية ثلاث مرات على التوالي في 2006، 2008، 2010. ولم تتوقف مسيرته عند هذا الحد، فأثبت لنا الحارس العظيم أن تقدم العمر ما هو إلا ارتقاءا للنجاح والتميز ، الحضري  أكبر لاعب شارك في بطولة أفريقيا وأكبر تاريخ مشرف لهذا البلد في الكرة.

صناعة النجومية طريق وعر تخطاه السد العالي ابتداء من مدينة دمياط التي تشاركني في المنشأ مع الأسطورة الكروية التي نفتخر بانتمائها إلينا، ونتحدث عنها مع كل إنجاز، لقد تعلمنا من مثابرته وبطولاته الكثير والكثير ، فإننا عندما نراقبه في الملعب لا ننظر إلى لاعب عادي بل ما يجذبنا إليه خفة حركاته ولمعة الثقة المتوهجة بين عينيه ، كيان يبث الإيجابية في زملائه، روح تغزل هالة من الحماسة والقتالية ليلتحف بها رفاقه من حديثي الخبرة ، إننا لنلمح قفزات (الحضري) المطاطية في الهواء كفهد يجهز على فريسته المستديرة قبل أن تنفذ إلى شبكته العريضة، الحلم الصغير نضج وارتقى لعنان الشمس ليبرع المثابر في  تحمل المسؤولية التي يجيدها باستمتاع ، ليبرهن لنا أن الإنسان الذي يحب عمله يعبر به إلى غاية ما يطمح دون يأس أو تراخي. 

فيصبح أيقونة السعادة لهذا الوطن الذي تفجرت سعادته بتهليلات العيد مع كل كرة دفع بها الأسطورة بعيدا عن مرماه في مباراة نصف النهائي مع بوركينا فاسو، سعادة تشرق مجددا بعد سنوات عجاف ظمأت فيها قلوبنا عن الاستمتاع بنشوة الانتصار، الانتصار الذي كبَّرت لأجله الجماهير العربية في مختلف البلدان ، والذي نبتهل إلى الله أن يكللها بفرحة عظيمة مع المباراة النهائية لبطولة أفريقيا 2017.

دامت مصر منبت للأبطال والمبدعين في كل مجال، ودامت سدودها عالية منيعة أمام كل منافس.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 690 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.