الخميس , 9 مايو 2024

“التدين الأجوف” … مقال بقلم: عادل عبدالستار العيلة

= 9184

قدر لي أن أسمع زميلي يطلب تغير ورديته في العمل ليصبح عمله في الفترة الصباحية فقط وذلك لأنه سيؤم الناس في صلاة التراويح في المسجد المجاور لبيته، وقد أصابني هذا الطلب بكثير من الدهشة، فكيف لهذا أن يصلى بالناس وهو لا يقوم حتى ب 10 % من عمله المكلف به في مكان عمله!!! بل إنه في كثير من الأوقات يتم التوقيع له وهو جالس في بيته!! ومن هنا جاءت فكرة المقال ورسالته وأقول:

أيها السادة… إن واحدة من مشاكلنا في الوطن العربي هي فكرة التدين الأجوف، بل أن هذا يصنع ويخلق صورة ذهنية غاية في السوء لدى الآخر عن الإسلام وعن المسلمين، ويخلق صورة ذهنية سيئة عند غير المتدينين عن المتدين والسبب هم هؤلاء المزيفون الذين أخذوا من التدين الظاهري غطاء لنواقصهم وربما لخلل واضطراب شخصيتهم.

أيها السادة… إن المرء من الممكن أن يخلع دينه على عتبة المسجد ثم ينتعل حذاءه ويخرج للدنيا مسعورا يأكل مال هذا وينهش عرض ذاك، ومعروف أن اللحى من الممكن أن تصبح متاريس يختبئ خلفها لصوص كثر!! وأن العباءة السوداء ليس بالضرورة تحتها امرأة فاضلة!! ومعروف أن الصلاة من الممكن أن تصبح مظهرا أنيقا للمحتال، وأن الحج من الممكن أن يصبح عباءة اجتماعية مرموقة لوضيع!! لذلك أقول إن التدين الذي لا يعكس أثرا في السلوك هو تدين أجوف يفسد ولا يصلح.

أيها القارئ الكريم… إن أندونيسيا لم يفتحها المحاربون بسيوفهم وإنما فتحها التجار المسلمون بأخلاقهم وأمانتهم لهذا أعجب الناس بهم وقالوا يا له من دين عظيم ولهذا اعتنقوا الإسلام.

أيها السادة… وإن التعامل مع الآخرين هو محك التدين الصحيح فإذا لم يلاحظ الناس الفرق بين التاجر المتدين وغير المتدين فما فائدة التدين إذن، وإذا لم تلاحظ الزوجة الفرق بين الزوج المتدين والزوج غير المتدين فما فائدة التدين إذن، وإذا لم تلاحظ الناس الفرق بين الموظف المدين والموظف غير المتدين فما الفائدة إذن!! ولكن ربما لا تكون هناك فائدة ولكن هناك مصيبة حقيقية وهي أن الناس وخصوصا الشباب صغير السن سيكفرون بالتدين والأخطر أن يتسرب هذا الإحساس إلى الدين ذاته!! فكيف نحمي هذا الشاب الصغير وهو يرى الرجل بمظاهر تدينه الأجوف الشكلي ويراه وهو يأخذ رشوة، ويراه وهو يزوغ من الشغل، ويراه وهو يضرب زوجته بعنف، ويراه وهو قاطع صلة الرحم إلخ إلخ، أسألكم بالله ماذا سيكون إحساس هذا الشاب حينها؟!!

أيها السادة… إن مظاهر التدين أمر محمود ونحن نعتز بديننا شكلا ومضمونا ولكن العيب أن نتمسك بالشكل ونترك المضمون، فالدين الذي غير رعاة الغنم إلى قادة الأمم لم يغير أشكالهم وإنما غير مضامينهم، فإن لحية “أبي لهب” هي نفسها لحية “أبي بكر” ولكن أين هذا وإين ذاك، وسيف عتبة كان من نفس معدن سيف خالد بن الوليد ولكن أين هذا واين ذاك، لقد تشابهوا في الأشكال ولكن المضامين مختلفة.
حفظ الله مصر أرضا وشعبا وجيشا وأزهرا

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 2351 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.