حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
هدى توفيق
دخلت الأستاذة خيرية موجه أول مادة العلوم إلى فصل من فصول مدرسة الإعدادية بنات فى الحى 11 بمدينة 6 أكتوبر , وكان الفصل ممتازًا جدًا من ترتيب ونظافة وتنسيق الوسائل التعليمية وحضورهن والتزامهن الذى لاغبارعليه ، بالإضافة إلى كفاءة الأستاذ جودة فى الشرح والتحليل وابتكاره العلمى الممتزج بالمرح وخفة الظل ، بابتداعه وسائل تعليمية جديدة وبسيطة الأفكار هادفة المغزى ، وانتفخ الأستاذ جودة فخرًا بمدى إعجاب المو جه ، حتى جاءت اللحظة الحاسمة بالتوقيع على دفاتر التحضير وكل المتعلقات التوضيحية وكشاكيل الطالبات بتوقيع منها أكثر من ممتاز …
حتى وصلت لدفتر ضخم مجلد تجليدًا أسود سميكًا بعنوان دفتر الزيارات المدرسية لجميع المواد الدراسية ، وكتبت بكل وقاحة بعض الملاحظات الهزيلة , وانتهت مذكرة الزيارة والمتابعة بعبارة هزلية الفصل ممتاز إلى حد ما ، وإن كان يحتاج الى بعض الإهتمام لا أكثر، اعترض أستاذ جودة اثتاء لقائه معها على انفراد فى حجرة المدير مع بقية فريق المادة ، فلم تعره الأستاذة خيرية اهتمامًا ، واستمرت فى اللغط و تجاذب الحديث مع الآخرين ، إلا أن الأستاذ جودة ،ألح وسألها بحدة لماذا لم تكتبى أكثر من ممتاز، كما أشدت بذلك من قبل ؟
فابتسمت بخبث وقالت بهدوء :
– لاعليك يا أستاذ ، أنت فعلاً أكثر من ممتاز ، ولم أجد أى نقص فى فصلك
قال ولا زالت نبرته حادة :
– إذا اكتبي هذا أيضًا فى دفتر الزيارات … لو سمحت .
رفضت بهدوء أيضًا وقالت بنبرة لينة :
– لا تشغل بالك هذا أمر عادي … حتى أحميك وأحمي نفسى من المساءلة من لجان المتابعة والفحص …
استطرد وقد استشاط غضبًا قائلاً :
ـ لا بل أريد لجنة متابعة لتقييم الفصل وعملي… فأنا عن جدارة أكثر من ممتاز
– إذَا أرسل لهم يقومون بالفحص وراء عملي
قال بقوة وفجاجة :
– نعم سأرسل لهم بل وسأقدم فيك شكوى رسمية
وفعلا بعدها بأسبوع أرسلت الإدارة لجنة مكونة من ثلاثة أشخاص للتقييم وكتبت اللجنة تقريرًا كاملاً أنهته بعبارة واضحة الفصل والمعلم أكثر من ممتاز ، ثم بعدها بعامين تقريًبا ترك الأستاذ جودة العمل فى التربية والتعليم بطلب شخصي إلى إحالته معاش مبكر ، وعاد إلى قرينته أشجان فى مركز أبي سليم فى محافظة بنى سويف ، وعاش مع أسرته فى البيت الكبير من ميراثه مع أخيه , وتقاسما زراعه أرضهما وتربية البهائم , وأصبحت حياته أكثر من ممتازة .
