الثلاثاء , 7 مايو 2024

أخطاؤنا في الصلاة (1)

= 922


بقلم الشيخ: أحمد الفقيهي

تعدَّدت الآيات والنِّداءات من ربِّ الأرْباب في القُرآن الكريم بالحثِّ على الصَّلاة والأمر بها، وبيان جزيل الأجْر والثَّواب لِمن حافظ عليْها، ومع تَكْرار تِلْك النِّداءات إلاَّ أنَّ الملفت حقًّا هو عدَم وجود آيةٍ واحدة في كِتاب الله يأمُر الله من خِلالها عبادَه بالصَّلاة بلفظ: "أدُّوا الصَّلاة" أو "افعلوا الصلاة"، بل كان النداء الربَّاني للمسلمين جميعًا بقوله: "أقيموا الصَّلاة"، وشتَّان ما بين أداء الصَّلاة وفعلِها وبين إقامة الصَّلاة.

يقول ابن سعدي رحمه الله تعليقًا على قولِه تعالى: ﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ﴾ [البقرة: 3]: لم يقل: يفعلون الصلاة، أو يأتون الصلاة؛ لأنَّه لا يكْفي فيها مجرَّد الإتيان بصورتِها الظَّاهرة، فإقامة الصَّلاة إقامتها ظاهرًا بإتْمام أرْكانِها وواجباتها وشروطها، وإقامتها باطنًا بإقامةِ رُوحِها، وهو حضور القلْب فيها، وتدبُّر ما يقوله ويفعله منها.

 فهذه الصَّلاة هي التي قال الله عنْها: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، وهي التي يترتَّب عليْها الثَّواب، فلا ثوابَ للإنسان من صلاتِه إلاَّ ما عقل منها، ويدخُل في الصَّلاة فرائضُها ونوافلها". اهـ.

الصَّلاة عبادة توقيفيَّة يَجب على المسلِم أن يؤدِّيها كما شرع الله تعالى، وبيَّن رسولُه صلَّى الله عليه وسلَّم دون زيادةٍ أو نقْصان، أو تبْديل أو تحريف، بل كما أمر عليْه الصَّلاة والسَّلام: ((صلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي))؛ رواه البخاري.

وإنَّ من المؤسف، تهاونَ كثيرٍ من النَّاس بالصَّلاة، وتضْييعهم لها، وتكاسلهم عنها، وتفريطهم في أركانِها وواجباتها وشروطها، فضلاً عن سُنَنها ومستحبَّاتها، حتَّى وُجِد في النَّاس مَن يصلِّي صلاةً ليستْ على هدْي رسولِ الله، ولا على شرْعِه، لا يعرف منها إلاَّ رسْمها وصورتها فقط، وهذه وقفات أيُّها المسلِمون مع بعْض مِن مخالفات المصلين في صلاتهم؛ رجاءَ أن تكون صلاتُهم صحيحة مقْبولة، مستوجبة للأجْر والثَّواب.

إنَّ من أعظم مُخالفات النَّاس في الصَّلاة هجرَهم المساجدَ، وتفريطهم في الصَّلاة مع جماعة المسلمين، ولو كان يسَع أحدًا عذر لوسَّع النَّبيُّ الرَّحيم بأمَّته صلَّى الله عليه وسلَّم لذلك الشَّيخ الكفيف الَّذي يفصِل بينه وبين المسجد وادٍ كثير السِّباع والهوامّ، فقال: يا رسولَ الله، إنَّه ليْس لي قائدٌ يقودُني إلى المسجِد، فسأل رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُرخِّص له فيصلي في بيته، فرخَّص له، فلمَّا ولى دعاه، فقال: ((هل تسمع النِّداء بالصلاة؟)) قال: نعم، قال: ((فأجب))، وفي رواية: ((فإني لا أجد لك رخصة)).

فهل يا عباد الله، يجد رخصةً في ترْك الجُمَع والجماعات مَن أفاء الله عليْه ببيْتٍ لا يكاد يفصلُه عن المسجد إلاَّ بضعة أمتار، والطُّرق معبَّدة، والهوامّ نافِرة، والقوى مكتملة؟!

رجل أعمى لا يَجد له الحبيب صلَّى الله عليه وسلَّم عذرًا في ترْك الجماعة، فيا تُرى ما هو عذْر الأصحَّاء الأقْوياء في ترْك الجماعة؟!

————
وللحديث بقية بمشيئة الله.

شاهد أيضاً

تعرف على فضل وأسرار قراءة سورة البقرة في البيوت

عدد المشاهدات = 15284 ثبت في الحديث الصحيح أن الرسول صلى عليه وسلم قال: اجعلوا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.