قبيل الغروب هناك على الشاطئ رشفت فنجان قهوتي المرة
كانت نسمات باردة تتسلل داخلي
جمعت وشاحي ونظرت في الأفق بعيدا
كانت الأمواج تحتضن الشمس في شوق ولهفة
وكأنها فارقتها منذ وقت طويل
ذكرني المنظر بطفولتي البريئة
هناك كنت أركض وأقفز وأكبو بين عيني أمي
وحين أقترب كانت تتلقفني بلهفة وحنان
وكان حضنها أجمل ما في الطفولة
كنت أميرة بين ذراعيها
آمنة بين كفيها …
أفقت على آخر رشفة من فنجاني
وقد غابت الشمس في حضن الموج في هدوء وسكون
اتسابت من عيني دمعة
وابتهلت داعية لأمي بالرحمة والغفران
وحل الظلام والهدووووء والصمت الرهيب
قمت هاربة أركض فوق الرمال الناعمة
لا أدري هل كنت أهرب خوفا من الظلام
أم من ذكرى رحيل أمي وشمس حياتي
تعثرت قدمي في صدفة كبيرة وسقطت
كانت الصدفة تبرق في الظلام حركتها ..
فبدت منها لؤلؤة جميلة ثم قالت…
أي بنية لا تنته الدنيا بموت الأمهات ولا بحلول الليالي العاتمات
فبعد الليل فجر يرتسم
كوني فخرا لمن مضى وعزا لمن سيأتي
ثم زحفت الصدفة وهي تخفي ضوء اللؤلؤة في داخلها نحو الشاطئ
وأنا أرمقها باندهاش وتعجب
وقبل أن يخبو بريقها بين الأمواج
أفقت على يد حانية تربت على كتفي
يقول بصوت حانٍ: أما آن لك ان تعودي إلى البيت
فقد اشتد البرد، وتوشك السماء أن تمطر
كانت يد أبتي …
قمت وأنا أبتسم، كففت دمعاتي
والتفت إلى اللؤلؤة وكأني أودعها قبل أن تغوص في الأعماق
ثم انصرفت عائدة للبيت…

فاطمة الرفاعي تكتب: على فنجان قهوة
عدد المشاهدات = 2085