أبوظبي – حياتي اليوم
نظمت جامعة السوربون أبوظبي مساء امس جلسة حوارية عنوانها “رشفة من الوطن: المأكل والمشرب بين التراث والهوية في الإمارات العربية المتحدة” وذلك بالتعاون مع المركز الفرنسي للبحوث في الآثار والعلوم الاجتماعية.
وشهدت الجلسة التي حضرتها البروفيسور سيلفيا سيرانو، المدير التنفيذي للجامعة، وعدد من المهتمين والباحثين، مناقشة دور الأطباق الإماراتية في تشكيل المجتمع والهوية الإماراتية مع عدد من المختصين في علوم المجتمع مثل: عايشة خانصاحب، باحثة في قصر الحصن، إلويزا مارتين، أستاذ مشارك في جامعة ريو دي جانيرو الفدرالية، ومارزيا بالزاني، عالم في الأنثروبولوجيا الاجتماعية وأستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة نيويورك أبوظبي.
واستهلّت الدكتورة ألويزا، النقاش بشكل معمق مُبيّنة أساليب تصميم خيارات الطعام، بالإضافة إلى توضيح سبب انتقال فن الطهو من مطابخ النخبة إلى مجتمع استهلاكيّ متأثر بالعولمة، حيث أن فن الطهو لم يعد مقتصراً على تلبية الحاجات الإنسانية المحصورة في نطاق المطبخ كمكان وحاجة إنسانية وحسب، بل أصبح سلعة عصرية تتماشى مع مبادئ المجتمع الاستهلاكي.
وأشارت د. ألويزا، إلى أن هذا الموضوع بات يحتل حالياً حيّزاً كبيراً في وسائل الإعلام ومادة مهمة للمقالات المتخصّصة والكتب والجرائد والبرامج التلفازية وعبر الإنترنت.
وأوضحت أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من العولمة الأمر الذي دعا العديد من الكيانات المهنية والحكومية إضافة إلى وسائل الإعلام إلى إبداء القلق إزاء التآكل الثقافي وتحوّل القيم التي يُتوقّع أن تكون نتيجة مُباشرة للتغيّرات الاجتماعية والثقافية في أنماط الحياة اليومية الإماراتية.
كما ناقشت الدكتورة إلويزا، أيضاً كيف تمّت مواجهة هذا التحدي بجهود جبارة بذلتها العديد من المؤسسات التي لعبت دوراً رائداً في تعزيز دور المطبخ باعتباره عنصراً ثقافياً مُهمّاً على ثلاثة مستويات رئيسية؛ كعامل أساسي ورائد في التعارف الثقافي داخل دولة متعددة الثقافات يتمّ التعبير عنه من خلال مهرجانات الطعام وأنشطة الطهي المفتوحة للجمهور، والمأكولات الإماراتية المحلية التي تشكل بوابة لإدخال وتعليم الثقافة والقيم الإماراتية للسياح والمُقيمين (كما هو الحال في مركز الشيخ محمد بن راشد للتواصل الحضاري ، على وجه التحديد)، إضافة إلى ضرورة إبرازه كتراث أصيل يجب الاحتفال به في المهرجانات والمراكز الثقافية كما تمّ في فعالية “تراثي، مسؤوليتي” التي نظّمتها دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي في متحف قصر العين. كما تناولت التغييرات الجارية التي حوّلت الأطباق الإماراتية لأطباق وطنية.
وبدورهما قامت البروفسورة مارزيا، والباحثة عايشة خانصاحب، بمناقشة دور القهوة العربية وتطورها عبر التاريخ من كونها قمّة تقاليد الضيافة الإماراتية الأصيلة إلى تراث إماراتي خالد. وتمّ خلال الجلسة إلقاء الضوء على التراث غير المادي المُرتبط بالبن، بما في ذلك إعداده، واستخداماته في السياق الاجتماعي ومكانته كرمز دولي للهوية الوطنية العرقية، وذلك انطلاقاً من اعتراف منظمة اليونسكو بالقهوة العربية كجزء من التراث الغير مادي لدولة الإمارات العربية المتحدة عام 2015، بعد أن تمّ الارتقاء بمستوى “القهوة” من حدث يومي إلى حدث مُخصّص للمناسبات والأحداث الخاصة والمميزة، العروض المُقدّمة في المتاحف ودروس التاريخ الاجتماعي.
وفي نهاية الجلسة لفتت البروفسورة مارزيا، والباحثة عايشة خانصاحب، إلى أن خدمة القهوة التي تُعدّ جزءاً لا يتجزأ من الضيافة الإماراتية، باتت تتطلّب اهتماماً أكبر لأنها تواجه خطر التحوّل إلى تقليد فقير يُنقص من قيمتها الثقافية من خلال تحويلها إلى نمط من العروض الروتينية والأشكال المجوفة. كما ناقش الأكاديميون أيضاً جوانب التراث المُرتبطة بالقهوة، مثل تاريخها، معناها واستخداماتها المُعاصرة إضافة إلى إدراجها في التطبيقات الرقمية في أبوظبي.