الخميس , 28 مارس 2024
محمد صلاح

تامر عبدالعزيز يكتب: دوق نجريج!

= 3418

استوقف الشرطي ذو الملامح الجامدة محمد صلاح على مشارف قصر باكنجهام، وطلب منه إبراز هويته قبل أن يكشف عن وجهه الذي حجبته نافذة سيارته الفارهة.

تهللت أسارير الشرطي فور رؤية صلاح وقال بصوت يملؤه البهجة لا تتناسب مع صرامة وجهه: الملك المصري أهلا بك، ماذا جاء بك إلى هنا، أخرج صلاح هاتفه الخلوي وأعطاه للشرطي، الذي قرأ رسالة سريعا على شاشة الهاتف، ولم يعلق عليها، وطلب من صلاح الترجل على قدميه إلى القصر، «الدخول بالسيارة ممنوع. لكن لا مانع لدي من دخولك القصر يا مو، هكذا نطق في سعادة وترحيب»!

تعجب صلاح من تصرف الرجل معه إلا أنه مضى في طريقه نحو بوابة القصر العملاق، مرتديا حلة سوداء أنيقة تزينها رباطة عنق فوق قميصه الأبيض، وبدا كأنه نجم سينمائي.

كان الوجوم يسيطر على صلاح، وعقله يطرح عليه مئات الأسئلة، أوقفها صوت أحد حراس القصر مرتديا الزي الشهير ذو غطاء الرأس الأسود الفرو وهو يصيح بعربية سليمة: محمد صلاح؟!

تعجب صلاح كيف لرجل يحرس القصر الملكي أن يتكلم بالعربية! اقترب منه الرجل وعانقه بحرارة، أثارت دهشة صلاح.. أنا مايكل يا ابني، مش عارف شكلي بسبب اللبس دا؟

– قطب صلاح حاجبيه دون أن يتكلم وفغر فاه من الدهشة وكان التساؤل قد ملأ وجهه.

مايكل: ابن شيخ الغفر.. دوار عمدة نجريج.. أنت نسيتني، دا إحنا كنا بنلعب مع بعض كرة، قبل ما ربنا يكرمك ويفتح عليك، وخلع غطاء الرأس الطويل الذي لا يختلف عما يرتديه شيوخ الغفر في النجوع والقرى سوى أن هذا فرو وأسود للتدفئة من برودة لندن، والآخر من القماش المقوى المشمشي لحجب حرارة الشمس.

بادله صلاح العناق والدهشة لم تفارقه، وأخذ ينظر للقصر المنيف، هل هذا فعلا قصر باكنجهام، أم دوار عمدة نجريج بعد الإصلاحات، من جاء بهذا الرجل صديق الطفولة إلى هنا؟ ظلت التساؤلات تزيد في رأس صلاح الذي كاد ينفجر من فرط الدهشة والتعجب من موقفه، هو لا يدري لماذا هو هنا؟!

قاطعه مايكل من تساؤلاته: أنت نسيت أنا مشيت من البلد زمان وجيت هنا وأشتغلت في حانة بودي جارد لحد ما شافني حد قريب من العائلة المالكة وشغلني هنا وربنا كرمني آخر كرم، أنت مشرفنا والله يا صلاح، بس أيه اللي جابك هنا؟!

أخرج صلاح هاتفه ووضعه في كف مايكل لقراءة الرسالة وتدلى فكه السفلي ما أن قرأها، وعاد لقراءتها بصوت عال: يتشرف الأمير ويليام وزوجته كيت مدلتون دوق ودوقة كامبريدج بدعوة سيادتكم لتشريف عقيقة ابنهما لويس آرثر تشارلز! الكل في انتظارك أيها الملك المصري!
مايكل: أنت متأكد يا مو إن دي رسالة من الأمير ويليام؟ مش الواد حماصة اللي كان بيعمل مقالب فينا وهو صغير اللي باعتهالك؟

هز صلاح كتفيه في تعجب دون أن ينبس ببنت شفة.
مايكل: أصل مش معقول… قاطعه صوت كبير الحراس مناديا عليه بصوت جهوري: مايكل ماذا تفعل هناك؟ ومن معك؟ تعال بسرعة إلى هنا!
سار مايكل بخطوات سريعة وأتبعه صلاح حتى وصلا إلى كبير الحراس الذي بمجرد رؤية صلاح صافحه بقوة: أهلا الملك المصري! مرحبا نحن ننتظرك، لقد جئت في موعدك، تفضل معي.

ترك صلاح مايكل دون أن يتلفت إليه أو يستأذنه حتى، وقال من هذا الذي يعرفني أيضا؟ هل هو صديق قديم من نجريج أم أحد أقارب عمدة نجريج؟ لماذا دائما ترتبط نجريج بما أنا فيه؟ ظلت التساؤلات تدور بعقله المشوش وعينيه الشاردتين تنظر بدهشة للقصر، وسارا داخل حديقة القصر، حتى رأي حورية من الجنة تقف على حافة نافورة متوسطة الحجم تتوسط حديقة البناء العريق، تداعب خدها بوردة بيضاء قطفتها للتو من الزهور المحيطة بالنافورة وما أنا اقترب صلاح منها حتى تسمرت قدماه، وهتف بصوت غير مسموع: الأميرة ديانا؟!

ابتسمت الفتاة وكأنها قرأت حركة شفاه، بينما زادت الأسئلة في عقل صلاح بسرعة كطاحونة هواء أنهكها ريح عاصف في ليلة ممطرة، حتى إنه لم ينتبه لصوت كبير الحراس وهو يقول له: تفضل يا مو، الأمير في انتظارك.

ألم تمت الأميرة؟ إنها فتاة أحلامي، تذكرني بزميلتي التي كانت في مدرسة نجريج الابتدائية، كانت تشبهها، لقد أحببتها في طفولتي، وأحببت الأميرة لذلك، احتفظت بصورتها داخل كتابي لتذكرني بها دائما حتى أنهيت المرحلة الثانوية، هل هي بالفعل؟

على صوت كبير الحراس للمرة الثالثة وهو ينادي على صلاح: الأمير في انتظارك يا سيدي.

انتبه صلاح لصوت الرجل، ولم يلتفت عن الأميرة حتى صعد درجات السلم الرخامي، ودلف باب القصر ورأي الأمير وزوجته في انتظاره: مرحبا بالملك المصري، تشرفنا بحضورك.

وما أن هم صلاح بالكلام لأول مرة حتى سمع صوت والده يوقظه من حلمه ويناديه أنت لسه نايم يا محمد قوم يا ابني: عمدة نجريج عندنا في الدار! صلاح: يا لهذا الرجل، يلاحقني في المنام واليقظة!

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6435 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.