في عالم يتنفس ظلما وينتعش كبرا واستعلاء تدور الطواحين الجهراء لآلة الإجرام الصهيوني البشع على أجساد الآدميين الفلسطينيين بوتيرة متكررة فظيعة تخطت كل الحدود والأعراف الإنسانية وأمام الملأ وفي رابعة النهار، في غزة المنكوبة تجثم كارثة إنسانية منقطعة النظير على أهلها أنطقت الحجر والمدر والشجر ولم تحرك ضمائر ساسة أوروبا المتحضرة وبلد العم سام راعي السلام كما يزعم ،الا في تصريحهم ببعض الكلمات التي لم توقف الهمجية الصهيونية ولم تغن من جوع الغزاويين الذي أتلف الكثير من أجسادهم وعجل بموتهم ..
ولئن كان أشد أنواع الظلم أن يلعب العالم دور الضحية ويتهم المظلوم بأنه ظالم، فإن هذا الإثم البغيض الذي يقترفه المجتمع الدولي حين لا يساوي بين الضحية والجلاد فحسب بل يقلب الحقائق رأسا على عقب بكل وقاحة وجرأة حين يعتبر الشعب الغزاوي ومقاومتة العادلة مشاريع لتجسيد الشر والإرهاب ويغض الطرف عن المجرم الحقيقي الاحتلال الصهيوني القذر وممارساته الوحشية ..فلا ريب قد أسقط الإنسانية من عليائها ودق آخر مسمار في نعشها …
يقال من استطاع ان يمنع الظلم ولم يفعل فهو ظالم، ولأن غزة هاشم محاصرة اليوم بالظلم الصهيو أمريكي قتلا وتجويعا وقهرا وسكان العالم الفسيح يهتفون من بعيد لا أكثر بينما يلملم الغزاويين أشلاءهم الآدمية وخيبتهم القاحلة كصحراء بصمت، فإننا جميعا نتساءل في ألم وذهول: ” هل فعلا لا يستطيع أصحاب القرار في الغرب المنافق وأمريكا نذير الشؤم إيقاف المجازر الصهيونية بحق هؤلاء البشر في ذلك القطاع المحاصر المدمر ..ولأننا جميعا ندرك جيدا حجم الخداع الذي يمشي في ركابه أشقاءنا في الإنسانية فهو ما يجعلنا نجزم أنهم والكيان الإرهابي سواء في تلك الجريمة الشنيعة ..
لا تدور حياة الغزاويين الا في محراب العذاب الوبيل ولا حياة لمن تنادي تخاذل الشقيق وتواطأ الغريب، لذلك لا يرقي إلينا شك ان العالم برمته وقع بيده وبسكوته وتجاهله على قرار إفناء الانسان الفلسطنيي بكل برودة أعصاب، إذ لا يعقل أن لاتهتز أفئدة بني البشر ويتحركوا لإنقاذ أهل غزة بعد كل تلك المشاهد المروعة لجثث مقطعة الأوصال بفعل النار وأخرى تحولت لأشباح مخيفة نتيجة التجويع ..وكأنهم استحسنوا الظلم وجعلوه مذهبا ولجوا عتوا في قبيح اكتسابه كما يقول الشافعي ..
أخيرا، يقول الباريء عز وجل في محكم تنزيله:” ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار” .. وها نحن وفي ظل طوفان الظلم الذي يغرق فيه أهلنا في غزة، ننتظر على أحر من الجمر ذلك اليوم الذي يهلك فيه هؤلاء الظالمون هلاكا لم يكن في حسابهم أبدا ..جعله جبار السماوات والأرض قريبا عاجلا .