الخميس , 16 مايو 2024

هبة عمر تكتب: قبضة الأيدي المرتعشة !

= 1461

Heba Omar


في العام الماضي حذر الدكتور مصطفي مدبولي، وزير الإسكان ، هيئة المجتمعات العمرانية من التباطؤ في تنفيذ المشروعات، أو حل مشكلات المستثمرين المتعاملين مع الهيئة، سواء المتعاملين منذ سنوات، أو الجدد قائلا: ” لا مكان للأيدي المرتعشة ولن نتحرك خطوة واحدة، لو ظللنا خائفين، وهذا لن أسمح به نهائيا خلال المرحلة المقبلة، التي تحتاج لدعم الاستثمار المصري والعربي والأجنبي”!

 قبلها قال المهندس ابراهيم محلب حين كان رئيسا للوزراء نفس المعني لوزراء حكومته، وقبلهما شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي علي نفس المعني في أول اجتماع مع حكومة محلب في يونيو ٢٠١٤ ، وهو مايعكس تكليفا رسميا بضرورة تحرر نظام عمل الحكومة من البيروقراطية وإضاعة الوقت بسبب الأيدي المرتعشة التي لا تعي دورها ولا تأثيرها في اقتصاد الدولة بأكمله، والتي تفضل تسويف الأمور وتعطيل مصالح الناس، بدلا من اتخاذ قرار صحيح.

بعد عامين من هذا الكلام الجميل مازالت الأيدي المرتعشة تحكم قبضتها علي مجريات الامور في دهاليز الحكومة، وفي المدن الجديدة أيضا، ومازال الوقت لا قيمة له في عرف بعض المسئولين بأجهزة هذه المدن، ومازال التعامل بالأوراق والأختام والتفسير المتناقض للقوانين واللوائح هو سيد الموقف، وعادة يلجأ من يتعامل مع بعض أجهزة المدن الجديدة للبحث عن «واسطة» توفر الوقت الذي تستنزفه البيروقراطية والتسويف والمماطلة في التعامل مع المواطن والمستثمر علي حد سواء، ويزيد الأمر سوءا حين تكون المشكلة المطلوب حلها موزعة بين عدة جهات كلها تتبع الحكومة ولكنها تتعامل بمبدأ «خليهم يمضوا الأول وإحنا نمضي»، وهكذا يظل صاحب المشكلة حائرا بين هذه الجهة وتلك وكل مايسمعه هو تبريرات لعدم تحمل مسئولية اتخاذ قرار، مما يدفعك للتساؤل عن العلاقة بين تصريحات كبار المسئولين المبشرة وتصرفات صغار المسئولين المنفرة!. 

منذ شهر تقريبا أتابع مشكلة أحد صغار المستثمرين الصناعيين وهو  شاب طموح يسعي لإنتاج لمبات موفرة للطاقة ويستأجر وحدة صناعية صغيرة في مجمع صناعي بمدينة العبور، ويريد اعتماد عقد الإيجار لاستخراج الرخصة الصناعية وبدء الإنتاج، وكان طبيعيا أن يلجأ لجهاز المدينة ثم يذهب الي هيئة التنمية الصناعية وينتهي الأمر، ولكنه منذ شهرين يدور بين الجهاز والهيئة في جولات مكوكية ويستخرج أوراقا ويحصل علي أختام وإيصالات، ووعود بإنهاء الأمر خلال اسبوع بعد عقد لجنة قانونية لتوقيع عقود الحالات المماثلة، وينتظر علي أمل أن تتحقق هذه الوعود، ولكنه يفاجأ في الموعد المحدد له بأن اللجنة لم تعقد و«تعالي الاسبوع القادم وربنا يسهل» ! 

هكذا تمر الأيام والشهور وهو يسدد إيجار الوحدة الصناعية ويسدد أرضية المواد الخام التي تم استيرادها بالجمارك، وينتظر الفرج.. الوقت الضائع بلا قيمة في أروقة الأجهزة الحكومية يعني ضياع أموال وإستثمارات مهمة لاقتصاد الدولة سواء كانت هذه الاستثمارات صغيرة أو كبيرة، ويعني فقد الثقة في أداء أجهزة الدولة، ويعني أيضا أن القبضة الحديدية للأيدي المرتعشة لا تفهم كلام الرئيس ولا الوزير، فماذا نحن فاعلون؟!

———-

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: الاحتلال بالأفكار وليس بالسلاح (١)

عدد المشاهدات = 2807 التاريخ يؤكد أن جميع القوى العظمى التى احتلت غيرها من الدول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.