الخميس , 16 مايو 2024

هبة عمر تكتب: حياة وموت!

= 1608

Heba Omar


في الوقت الذي يبدو فيه أن قطاعا مهما من الاقتصاد وهو قطاع العقار والتشييد والبناء، قد عادت إليه الروح مع تدفق مشروعات جديدة وعقد شراكات وتحالفات بين قطاعي الأعمال العام والخاص وتنفيذ مشروعات قومية كبري في الإسكان والطرق والمرافق، تظهر بوضوح مأساة قطاع مهم آخر وهو قطاع السياحة الذي تغلق منشآته كل يوم و تنخفض نسبة الإشغال في أهم مواقعه الي الربع، دون أن نلمس جهدا واضحا في إنقاذه وتدارك خسائره!

وبينما تعدنا المشروعات العقارية الجديدة بأن توفر فرص عمل تتراوح بين 30 إلي 50 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في كل مشروع، يفقد آلاف العاملين بالسياحة مصدر رزقهم، وخلفهم آلاف العاملين بالمحال والمراكز التجارية والرياضية المرتبطة بالسياحة، دون أن يفكر أحد في إعادة استغلال هذه الطاقة البشرية الهائلة والمعطلة رغما عنها، وإعادة تأهيلها للعمل في أماكن أخري بدلا من تركها تنضم الي طوابير العاطلين في انتظار فرصة عمل.

من المؤلم جدا أن نقرأ عن إغلاق منشآت سياحية وتسريح العاملين بها في مناطق سياحية مهمة مثل الغردقة وشرم الشيخ، وكلتاهما كانتا تعتمدان علي السياحة الروسية والايطالية غالبا، والتي تضاءلت عقب حادثي الطائرة الروسية ومقتل الطالب الإيطالي، ولم يستطع مسئول في مصر تدارك الموقفين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولم نسمع أو نري أن وزير السياحة فعل شيئا، وكأن الجميع اقتنع تماما أن هناك مؤامرة لاسقاط السياحة وبالتالي لا داعي لنتعب أنفسنا بلا فائدة!

الحقيقة أننا لا نملك سوي مكونين أساسيين يمكن أن ينقذا اقتصادنا..أرض شاسعة، وهي أساس للبناء والتعمير  والاستثمار في العقار بكل أنواعه سواء كان سكنياً أو سياحياً أو صناعياً أو تجارياً، وفي موقع شديد التميز يزخر بنهر وبحرين وثروات أثرية هائلة وطقس متوازن، وكل هذا كان يجب أن يجعل مصر البلد السياحي الأول في العالم، ولكن يبدو أن حكوماتنا تتعامل مع الأمر ببرود أعصاب وتكتفي بتصريحات مثل عدمها!

استقرار الأوضاع السياسية والأمنية هو بالتأكيد ضرورة حياة لكل نشاط اقتصادي، ولكن هناك ضرورة أيضا للتغلب علي كثير من العقبات الإدارية الصغيرة التي تضيع الوقت والجهد، وهناك ضروره للتدريب المستمر والمتواصل لتحسين الأداء في القطاعات الاقتصادية الأكثر أهمية، وتدريب العمالة الفنية في قطاع البناء بصفة خاصة لملاحقة الحاجة الشديدة اليها بدلا من الاستعانة بعمالة أجنبية لأنها مدربة!

إعادة النشاطين العقاري والسياحي ودعم قدراتهما علي توفير فرص عمل بكثافة، وتوفير عملة أجنبية نحتاجها، هو مسألة حياة أو موت وليس رفاهية.. والنظر بجدية لأزمة هنا أو مشكلة هناك، والتحرك السريع للمواجهة وايجاد حلول هو ضرورة عاجلة.
———

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: الاحتلال بالأفكار وليس بالسلاح (١)

عدد المشاهدات = 2745 التاريخ يؤكد أن جميع القوى العظمى التى احتلت غيرها من الدول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.