الأربعاء , 22 مايو 2024

هبة عمر تكتب: تعايش..!

= 1505

اشتهر المصريون بامتلاكهم القدرة علي التعايش مع أصعب الظروف وتحملها وتجاوزها، وتفوقوا في السخرية منها كما لم يتفوق أحد قبلهم، ومن معاناتهم خلقوا سببا لتبادل الضحكات والدعوات علي كل من آذاهم، ومن شكواهم كتبوا الأغنيات عن الصبر وطول البال الذي يبلغ الأمل، هذا الأمل الذي جعلهم يساندون كل رئيس بكل همة وإخلاص، وينحازون لما يراه، ويقبلون، بإرادتهم أو رغما عنهم، دفع ثمن قراراته.

يشيدون به إذا أصاب ويبررون له إذا أخطأ، يجيدون النسيان حين يصبح ضرورة، ويكشفون النفاق بيسر وسهولة، ولكنهم لا يتسامحون كثيرا مع الضغط علي أمورهم المالية، خاصة حين يكون موجعا ومستمرا، وهو مايحدث بالفعل منذ تعويم الجنيه حتي الآن.

لو افزعتنا الأرقام الرسمية التي تؤكد أن ٢٧٪ من المصريين لا يمكنهم الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، وأن حد الفقر الذي نخشاه حاصر ٣٠ مليون مصري، وأن٨١٫٨٪ من الفقراء لا يستفيدون من التأمينات الاجتماعية، فإن ما يثير الفزع أكثر هو عدم قدرة الحكومة علي تحقيق أي قدر من السيطرة علي الأسعار التي انفلت عيارها.

وتأثير ذلك علي حياة الناس، واتساع دوائر الفقر لتطال من اجتهد ليبتعد عنها، في نفس الوقت الذي تظل فيه الأجور الثابتة في مكانها، وتتجاوز فيه نسبة البطالة ١٢٪ ولا يبدو أن الضربات المتلاحقة التي ترفع سعر سلعة ما أو تفرض ضريبة ما، كل يوم خميس، سوف تتوقف!

التعايش الذي نجح فيه أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة من قبل أصبح أكثر صعوبة وأقل تواجدا، وربما تفسره حالة انفلات الأعصاب الواضحة التي تظهر علي الناس في الشارع وداخل البيوت، والتي اختفت منها »الضحكة الرايقة»‬ بعد نفاد الصبر.

قد تدخل الحكومة التاريخ بحجم ما أنجزته من مشروعات عملاقة، وما قدمته من قوانين، ولكنها تظل مدانة في نظر الشعب بما صنعته فيه.


 

شاهد أيضاً

إنجى عمار تكتب: التحلي والتخلي

عدد المشاهدات = 4468 نقطة واحدة فارقة كالحجر الصوان ارتطم بها رأسنا لنعيد اكتشاف أنفسنا. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.